في بعض الأوقات، تضطر إلى التعامل مع حبوب الدواء وابتلاعها، الأمر الذي يعتبره البعض مزعجًا وصعبًا. وعلى الرغم من أن ابتلاع قطع كبيرة من الطعام لا يُعتبر مشكلة في غالب الأحيان، لكن ابتلاع حبوب الدواء؛ حتى الصغيرة منه، يُعتبر صعبًا ويُمكن أن يُسبب السعال أو الاختناق أو التقيؤ وما إلى ذلك.
هذا يقودنا إلى سؤال واضح.. لماذا يُكافح الكثير من الناس في ابتلاع الحبوب، ويشعرون أن بلعها أصعب من ابتلاع الطعام؟
لماذا تجد ابتلاع حبة الدواء صعبًا مقارنةً بابتلاع الطعام؟
السبب في صعوبة ابتلاع الحبوب محيّر للغاية للناس، خاصةً أن الجميع يُمارس البلع في كل يوم من حياتهم، وهو أحد الإجراءات التي نُمارسها منذ أن نعومة أظفارنا، ولا يحتاج هذا السلوك إلى تعليم مسبق، كالتنفس والبكاء!
سواء كُنت تبتلع قطعة لحم كبيرة أو قطعة من الخبز أو سلطة مقطّعة، يُمكن لمعظم الحناجر أن تبتلع الطعام بسلاسة غريزية، ولا تكاد تُفكّر أساسًا في هذه العملية الفطرية. وقبل أن تفهم السبب الذي يجعل عملية بلع الدواء صعبة، في البداية عليك أن تفهم كيفية حصول عملية البلع في الأساس، حيث تتألف هذه العملية من ثلاث مراحل، واحدة منها فقط نتحكم فيها بوعي.
مراحل عملية البلع..
المرحلة الفمية:
هذا الجزء من عملية البلع الذي نتحكّم فيه. تتم هذه المرحلة مع فتح شفاهنا للسماح للطعام أو الشراب بالدخول إلى تجويف الفم. ثم يتم ترطيب الطعام باللعاب، والمضغ بأسناننا، مع تحريك الطعام من جانب إلى آخر بمساعدة اللسان.
يستشعر العصب في اللسان “العصب اللساني” عندما يتم ترطيب الطعام وضغطه بشكل مناسب بما يكفي للبلع. حيث يقوم اللسان بالتحرك إلى الجزء العلوي من الفم لاحتواء الطعام ثم تحريكه إلى الداخل لتتحرك البلعة إلى البلعوم الفموي.
مرحلة البلعوم:
في هذه المرحلة، يتم إغلاق جميع المداخل الأخرى للبلعوم بمجرد انتقال الطعام إليه، مما يمنع القيء أو التنفس أو السعال أو المضغ. هذه المرحلة من عملية البلع تُعتبر أوتوماتيكية، ويتم التحكم بها بشكل سلبي عن طريق الأعصاب القحفية المتخصصة.
مرحلة المريء:
آخر مرحلة من مراحل البلع يتم التحكم بها من قِبل الدماغ بشكل سلبي، ويتحرك الطعام في المريء أبطأ من حركته في البلعوم، مدفوعًا بحركة العضلات الملساء. حيث تنقبض العضلة العاصرة المريئية وتسترخي لتحريك الطعام نحو المعدة. وعندما يمر الطعام من المريء، تسترخي عضلات الحنجرة والبلعوم، وتعودان إلى حالاتهما الطبيعية.
إذًا، ما خطب حبوب الدواء؟
بالنظر إلى مراحل البلع السابقة، نجد أن هذه العملية محفوفة بالمخاطر نظرًا إلى وجود عدد من الأشياء يُمكن أن تسير بشكلٍ خاطئ. صعوبة ابتلاع حبوب الدواء مرتبط بأسباب نفسية أو تقنية أو جسدية، مثل عسر البلع.
نفسيًا..
من المرجح أن تكون ذاكرة أوقات الاختناق في الماضي هي الأكثر شيوعًا في تفسير ذلك. عدم القدرة على التنفس أو الشعور بوجود شيء كبير عالق في حلقك، هو تجربة مرعبة تلتصق بالذاكرة. الشعور المرتبط بالاختناق يسترجعه الدماغ في محاولة منه لمنع تكرار هذه الحالة عند ابتلاع الحبوب، وينتهي بك المطاف في منتصف عملية ابتلاع الحبة وأنت تتذكر هذا الشعور وتشعر بضيق من ابتلاعها
بالنسبة للطعام والشراب، فإن عقولنا مبرمجة آليًا على ابتلاعها بطريقة يغيب فيها الوعي. مع ذلك، فإن حبوب الدواء تختلف تمامًا من حيث الزاوية الحسية، بملمسها الطباشيري وشكلها الصلب. لذلك، يقوم الدماغ في غالب الأحيان بتشغيل آلية الدفاع بدون وعي، ويستعد لابتلاع الحبة مُكرهًا.
تقنيًا..
على الرغم من أن عملية البلع قد تبدو طبيعية، لكن هناك طرق “أفضل” للقيام بذلك استنادًا إلى شكل ومحاذاة البلعوم والمريء عند البلع. بالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة في ابتلاع الكبسولة، قد يكون البلعوم لديهم أصغر قليلًا أو الممر أضيق.
عسر البلع..
هناك العديد من الأشخاص يُعانون من عسر البلع، وهو حالة طبية تعني صعوبة البلع. قد تتعلق المشكلة في طريقة تعامل اللسان مع الطعام، أو مستويات اللعاب التي تُفرز في الفم، أو طريقة تحريك اللقمة إلى البلعوم أو إكمال عملية البلع قبل أن يصل الطعام إلى المعدة. عسر البلع يؤثر على مرحلة من مراحل عملية البلع على الأقل، ما يجعل تناول الأدوية والحبوب صعبًا.
كلمة أخيرة..
في عالم مثالي، سيكون الجميع بصحة جيدة ولن يكون لدينا سبب لابتلاع الحبوب. مع ذلك، يتعين على بلايين الناس حول العالم ابتلاع الحبوب كل يوم، ويكافح الملايين مع هذه العملية! لحسن الحظ، قد يساعدك فهم بعض العوامل الكامنة وراء هذه الصعوبة في تطوير استراتيجيات لتجنب وقوف حبة الدواء في المنتصف!