ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ ﺍلظهر ﺑﺪﻗﺎﺋﻖ, ﺻﺎﺡ شاب ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻗﺪ ﺩﻫﺴﻪ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ .ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ، ﺇﻟﺘﻔﻮﺍ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻔﺘﻰ .ﻫﻮ ﻓﻲ العشرين ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﺷﻖ القطار ﺟﺴﺪﻩ إلى ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﺻﻄﺪﺍﻣﻪ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎﺭ، ﻻﺯﺍﻝ ﺣﻴﺎ ( ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ).
ﻧﺼﻒ ﺟﺴﺪ ﻳﺮﺗﺠﻒ ﺑﺸﺪﺓ، ﻳﺮﻭﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻧﺎﺑﺾ ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻩ، ﻳﺮﻭﻥ ﺭﺋﺘﻪ ﺗﺘﻨﻔﺲ، ﻻ يزال ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺣﻴﺎ !
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻣﻨﻪ، ﺣﻤﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ، ﻫﻤﺲ ﻓﻲ ﺃذﻧﻴﻪ، ﻗﻞ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﻞ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺍﻫﺘﺰ ﺟﺴﺪﻩ ﺃﻛﺜﺮ، ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻳﻘﺸﻌﺮ ﻭ ﻳﻨﺘﻔﺾ .
ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻬﺎ: ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .ﺳﻜﻦ ﺍﻟﺠﺴﺪ، ﻭ ﺳﻜﻨﺖ ﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻭ ﻓﺎﺿﺖ ﻟﺒﺎﺭﺋﻬﺎ، ﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﻰ .ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ !
ﺣﻤﻠﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﻬﻰ ﻣﺠﺎﻭﺭ ﻟﻠﻤﺰﻟﻘﺎﻥ، ﺑﺤﺜﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺴﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﺃﻭ ﻳﺮﺷﺪ ﻟﻤﺴﻜﻨﻪ .
ﺃﻣﺴﻚ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ، ﺛﻢ ﺻﺎﺡ، ﻳﺎﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍ ﺍﻟﻠﻪ!!!
ﺇﻧﻪ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ، ﻋﻠﻰ ﻳﺪه اﻟﺼﻠﻴﺐ
ﺣﻤﻠﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﺃﻧﺘﺮﻛﻪ ﻭﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ؟ ﺃﻧﺘﺮﻛﻪ ﻷﻫﻠﻪ ﻭ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؟ !
ﺣﻤﻠﻮﻩ ﺟﻤﻴﻌﻢ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻭ ﺑﻜﺎﺀ، ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻠﺘﻲ ﻣﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ، ﻣﺎﺕ ﺑﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ!
ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺁﻫﻢ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻃﺄﻃﺄ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺎﻛﻴﺎ ﻭ ﻗﺎﻝ: ﺳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻤﺎ ﺳﺄﺫﻛﺮﻩ، ﺇﻧﻲ ﺃﺣﺪﺛﻜﻢ ﻓﻲ ﺧﺠﻞ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻨﻲ
ﻳﻌﺸﻖ ﺳﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ!
ﻧﻌﻢ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ ﻭﻳﺤﺐ ﺳﻤﺎﻉ ﻗﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ !
ﻛﻨﺖ ﺃﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﻓﺄﺟﺪﻩ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻀﻊ ﺳﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻓﻲ أذنيه، ﻓﺄﺳﺄﻟﻪ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻴﺠﻴﺐ: ﺃﺳﻤﻊ ﺃﻏﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ، فاقتربت ﻣﻨﻪ ﻭوضعت ﺍﻟﺴﻤﺎﻋﺎﺕ ﻷﻛﺘﺸﻒ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻛﻨﺖ ﺃﻧﻬﺎﻩ ﻭﺃﺯﺟﺮﻩ ﻭ ﺃﻋﻨﻔﻪ، ﻗﻠﺖ ﻟﻪ: ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺳﺄﻗﺘﻠﻚ،
ﻗﺎﻝ: ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ، ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺘﻠﻲ ﻭ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻨﻌﻲ ﻭ ﺇﺑﻌﺎﺩﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ !
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﻓﺮﺡ ﺧﺎﻟﻄﻪ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ، ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻸﺏ ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻡ : ﺍﺑﻨﻚ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻧﻄﻖ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﻴﻦ ﺛﻢ ﻣﺎﺕ، ﻧﻄﻖ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﺑﻨﺼﻒ ﺟﺴﺪ !
ﺍﻷب ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻡ ﻗﺎﻝ : ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺷﻬﺪ ﺑﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﺑﻪ ﺍﺑﻨﻲ، ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮﺱ ﻭ ﺯﻓﺎﻑ ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﻨﺎﺯﺓ .
ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳﻬﻠﻠﻮﻥ ﻣﻮﺣﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ،) .
ﻭ ﺩﻓﻦ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
اللهم احسن خاتمتنا