.
الثلاجةُ ليست صديقتي
….
في المرة الأخيرة، عندما داهمتني الفكرةُ وأنا أضع الخضروات في المبرد، خلعتُ رأسي وأفسحتُ لها فراغًا مناسبًا بجوار الخضروات. رأسي كان ساخنًا جدًّا والأفكارُ كانت ستنصَهِرُ.. التبريدُ وسيلةٌ مناسبةُ لحفظ الخضروات والرأس والأفكار.
الثلاجةُ تخبِرُني أنها صديقتي. أنا لا أصدِّقُها. تُخفي مِنِّي قِطَعَ الشوكولاتة عندما أنهضُ في منتصف الليل للبحث عنها، تلتَهِمُ ساعاتٍ من عمري لتنظيفها وترتيب رفوفها، تأخذُ طعامي طازجًا دافئًا وتُعيدُه لي باردًا دون طعمٍ!
تبتلِعُه في جوفِها دون قلقٍ من السعرات الزائدة أو نوبات القولون العصبي .. تَفرِضُ برودتَها الحادة على إناء اللبن المغلي، وعلى الدجاجة المسكينة الراقدة في المَرَقِ الدافئ، وعلى حبَّات البازلاء السابحة في الصلصة الحمراء.
أحاوِلُ تركيب رأسي من جديدٍ، لكنه باردٌ جدًّا أكثرَ مما تحتمِلُ أصابعي.. أتركُه على منضدة مطبخي بجوار حبَّات الفراولة وقِطَعِ المانجو المتجمدة. أصنعُ فروت سلاد من الفواكه والأفكار.. لكني لم أَجِدْ فمي لأتذوقَه، كان هناك منصهِرًا ممدَّدًا بجوار أنفي وعينَيّ.. والثلاجةُ تَفتحُ فَكّيها لتبتلع فاكهتي الملونة وأفكاري الممتزجة بالسُّكَّرِ والمانجو.. تَضحكُ وتَهمِس لي بغرورٍ” ألَمْ أُخبرْكِ مِن قبلُ؟ أنا ثلاجةٌ فضية متقنةُ الصنع وأنا صديقتُكِ الوحيدة”.
على الطاولة، بِركةٌ صغيرةٌ من الدموع تكوَّنتْ أسفل الكُرَتيْن العسليتيْن، والأنفُ الكبير أصبح أحمرَ جدًّا من البكاء ليشبِهَ ثمرةَ طماطمَ منتفخةً، والفمُ المسكين يزحفُ باحثًا عن وجهٍ ليستقر به.
الثلاجةُ لاتزال على برودتِها القاسيةِ، يبدو أن النَّصَّ لم يكن مونودراميا بشكلٍ كافٍ.
منقوول