تفردت ولادة بنت الخليفة الأندلسي المستكفي بالله، وجاريته الجميلة «سكرى»، بكونها الأميرة الأندلسية الجميلة والشاعرة العربية الفصيحة الأصيلة التي احتفى بها مؤرخو الأندلس أكثر من أي شخصية نسائية أخرى في عصرها، ولم يعرف المؤرخون موعد ولادتها أو وفاتها بشكل دقيق، إلا أنهم أكدوا جميعًا أنها عاشت لفترة طويلة جدًا، وتوفيت وعمرها ما بين الثمانين والخمسة وثمانين عامًا، عاشتها ولادة بنت المستكفي في ارتحال ما بين الشعر والعشق، ولم تكتفِ بهما، وظلت في حاجة لهما حتى آخر يوم من حياتها، ورغم حبها وميل قلبها للكثير من كبار رجال الدولة والشعر، كان من أشهرهم الشاعر والوزير ابن زيدون، أكثر العشاق المتيمين بها أهمية وشهرة بين عشاقها ومحبيها في عصرها، إلا أنها ماتت وحيدة، ولم تتزوج من أي رجل قط، وقيل من المؤرخين إن السبب في ذلك أنها متطلبة كامرأة وكأميرة شديدة الكبرياء والفخر بنسبها وأنوثتها وحبها، فكانت تريد رجلاً كامل الصفات؛ وفيًا لا ينظر لغيرها، ولا يرى سواها في الكون كله، وفي عصرها لم تجد رجلاً كهذا، فآثرت البقاء على عرش الشعر والعزة بدون رجل غير مناسب قد يهز ما تملكه من نسب رفيع، ولسان شعري فصيح، ومكانة رفيعة في قرطبة؛ بفضل صالونها الأدبي، أول منتدى ثقافي من نوعه في زمنها الذي كان يؤمه كبار رجال الدولة من الأعيان والوزراء والشعراء؛ ليناقشوا معها شؤون الأدب بحرية دون قيود، وكانت مجالستها لهم ومناقشتها القوية الحجة معهم؛ الباب الذي فتح قلوبهم إليها قبل عقولهم، ومن بينهم الوزير والشاعر الشهير ابن زيدون.