...،ماذا أهديك أمي.،،...
،،بين الليالي ونافذة .. نهرٌ غافٍ على شفتي
ونور ينسكب على ساحة ورق .. ودمعة زرقاء تنبت من أزيز قلمٍ قد ذاق مُرّ الأرق .. هجر العصفور حديقته وأتى ،، وانفصلت الغيمة عن سماءها بكل شغف،، وتجمعت كل الأشجار لتصنع منها طاولة مقام وشرف ،، تجمعت كل أيادي الذبول ،،
وتنافست كل الأيام والشهور والليل في ذهول ،، واستدعى المطر صيفه وشتاءه وتجمعت كل الفصول ،، فراشات الطين تهادت ،، وزهور الحب سادت ،، وكل المنافي فْتحت للعائدين ،، وأشجار الشوارع المتطاولة انحنت لتظلل ساحة أوراقي ،، ترامت الأقلام كالسهام تتسابق من يحظى بإحتضان أناملي ليسكب دموعهِ الزرقاء الذهبية ،، كل شيء بات غامض حتى الحروف التي جمعتها قد تلونت بلون الحنان ،، اكتست الكلمات بفساتين الوئام ،، وصوت القلم يتلوا آيات الحب لإمراة تقطف النجوم وترصها قلائد ،، ويقول أنها تحيل حصائد الشوك لتجمعها عقود ياسمين ،، وتنشئ ممتلكاتها على جفون الغيم ،، وتصنع من جمان الأحداق بسمات تهزم بها صدور العابسين ،، وتصنع لحنآ جديدآ ليس من التراث الموسيقي ولا من المألوفات .. بل هو نداء الهيّ منها واليها ،، سكت القلم ونطق الصباح بها فسمعت نداءات متتاليه تشبه تلك الألحان وكلمات لا ينطقها الا نهر عذب في أرض الجِنان،،
تعالي يانقطة الطفولة ،، تعالي قبّلي نور الصباح ، وضعي على رأسي الذي شيبته الحروب أصابع أملك وغصن الحياة ،،
تسارعت اليدين لتقبيل غصن الجنة والأرجل لتميل الى كنف السعادة وجهشت بالبكاء ،، بدأ كل ما حولي ينكسر .. الحروف تمايلت .. الكلمات انحنت ،، والأقلام تنادي أمي ،، أمي ،، أمي…
وأمي تحتضن دموعي ودموعي تحتضن الجواب وجوابي هو أمي…
سألتها : أماه.. ؟
أأنتِ من الروح كي تشفي جريحة باتت تحتضر كل هذه السنين ...!!؟
أم أنتِ من الرقة والعطف بحيث تذوب بعينيك دموع الناس ...!!؟
إبتسامتها المعهودة هي من كانت تغلق كل إستجواباتي الفضولية ..
أمي… أمي .. كيف أستطيع أن أكون سعيده ..؟؟
قالت : يادُرتي .. لا تبحثي عن السعادة فهي نادرة جدا .. فالسعادة توجد الى جانبنا ،، على مستوى قلوبنا ،،
ليست السعادة ابنة السماء والأرض ،، ٱنها ابنة الإنسان "
الله .. الله يا أمي .. فلماذا السواد يغطي تحت عينيك وصوتك يتحشرج وحروفك باتت عصيبه ..
يابنتي السواد في أرض عيني هي تلك الليالي التي حرستكِ بها من المرض وكنت صنعت بها الدفئ لجناحيك المكسورين من الحياه ..
وذاك الصوت هو موواويل الحقول التي زرعتك بها عند ملاعبتك ؤاغنيات الحصاد التي كنت أدق بها كؤوس حزنك…
وأعصابي المتآكلة من رموش أحلامي أسبلتها ذات يومٍ على قميص براءتك ..
عمّ السكوت على حنجرتي وخضبت الدموع أوردة أمي…
أمي… دعيني أحضر لك شيء يسعدك ..
أسرعت الخطى الى غرفتي لأهديها شيئآ ... بدأت أرجلي ترتجف ،،ترمي هذا وتكسر ذاك بحثآ عن الهدية والرجوع الى أمي ..
عُدت والظلام قد حلّ مجددآ،، الطيور تناثرت ،، الحروف نامت،، الأشجار هامت ،، والأزهار غادرت منزلي ،،
كان هنا النور وكانت أمي واقفة هنا
وكانت الفراشات تغني هناك ..
لم يبقَ شيئآ سوى أصوات أزيز الدموع تختلط بالقلم والكلمات قد مسحت دموعي زينتها…
بدأ قلبي يخفق بشدة،، تشبثتُ بحنان الورق ،، ووقفتُ على النافذة لأرى ريح الخريف اللطيفه ورذاذ مطر تتساقط قطراته عليّ لتحتضن دموعي ،،
أغمضت عيني فرحآ وأزهر قلبي من جديد… حينها علمتُ أن تلگ القطرات هي قُبلات أمي فرددت حروف خالقي قائلة :
(( واعلموا ان الله يحيي الأرض بعد موتها ))