الجنين المتحجر أو المتكلس أو الطفل الحجري عبارة عن ظاهرة نادرة الحدوث، تحدث بصورة شائعة عند وفاة الجنين أثناء الحمل، حينما يكون الجنين الميت أكبر من أن يستوعبه الجسم، فيتكلس الجسم من الخارج لكي يحمي جسم الأم من النسيج الميت للجنين ويمنع العدوى، قد تحدث هذه الحالة في فترة 14 أسبوع من الحمل حتى نهاية الحمل، لكن يتم تشخيص هذه الحالة بسهولة عند عمل أشعة عادية [1] .
كيف يحدث الجنين الحجري
الجنين الحجري يطلق عليه الحصوات الحجرية، وتعد هذه العملية ظاهرة نادرة تحدث بشكل شائع عند وفاة الجنين أثناء الحمل خارج الرحم، ويكون معدل الإصابة من 1.5 إلى 1.8 بالمائة من حالات الحمل خارج الرحم، فإذا كان الجنين المتوفى أكبر من أن يستوعبه جسم الأم .
فإنه يصبح جسما غريبا لجهاز المناعة عند الأم، ولكي يحمي الجسم نفسه من العدوى المحتملة، سيقوم جسم الأم بتغليف الجنين بمادة كلسية، ويتم تحنيط الجنين تدريجيا ليصبح طفلا حجريا، وقد تحدث هذه الحالة في فترة الحمل بداية من الأسبوع الرابع عشر من الحمل حتى نهاية الحمل، ويمكن أن يبقى الجنين الحجري داخل الأم لفترة طويلة ويتم اكتشافه بالصدفة بالعديد من الطرق [2] .
تشخيص الجنين المتحجر والمتكلس
تكلس الجنين يحدث عندما يموت الجنين داخل جسم الأم ثم يتكلس ويتحول إلى حجر، ويمكن تشخيص الجنين المتحجر بعد فترة طويلة تصل لسنوات عن طريق الصدفة، كما في العديد من الحالات التي أصيبت بالحالة، والحالات المصابة بهذه الظاهرة ليست كثيرة، حيث ذكر تقرير أن هناك 300 حالة فقط مصابة بتكلس الجنين في العالم.
وهذه الحالة ذكرت في المجال الطبي منذ 400 أو 500 عام فقط، والجنين المتكلس يمكن أن يحدث أثناء الحمل خارج الرحم، لكنه نادر الحدوث جدا، ويكون الجنين أكبر من أن يستوعبه الجسم فيتكلس ليحمي جسم الأم من النسيج الميت للطفل، ويحمي الجسم من الإصابة بالعدوى، وأول من ذكر هذه الحالة هو الطبيب أبو القاسم الزهراوي، وهو طبيب عربي من الأندلس وذلك في القرن العاشر الميلادي .
أنواع تحجر الجنين
لا توجد علامات أو أعراض سريرية معروفة تساعد في تشخيص حالة الجنين المتحجر أو المتكلس، لكن بعض الأعراض التي لوحظت مرافقة لهذه الظاهرة تتمثل في : النزيف غير المنتظم، الحيض المفاجئ، مشاكل التبول بسبب الضغط على المثانة، الانتفاخات غير المبررة في البطن، ألم البطن، وما إلى ذلك، وقد تم اكتشاف غالبية الحالات في العمليات الجراحية بالصدفة، أو أثناء التصوير الروتيني للبطن، أو في التشريح بعد الموت، وقد يشمل التكلس : الجنين أو المشيمة أو الغشاء، أو مزيج منهم الثلاثة، وعلى هذا الأساس تم اقتراح التصنيف التالي :
النوع الأول Lithokelyphos : هي حالة تتكلس فيها الأغشية وحدها وتشكل قشرة صلبة تحيط بالجنين، وقد يخضع الجنين لتغيير طفيف فقط، أو قد يكون هيكليا بالكامل، لكنه لا يشارك في عملية التكلس .
النوع الثاني Lithokelyphopedion : وهي الحالة التي يتكلس فيها كلا من الأغشية والجنين في نفس الوقت .
النوع الثالث True lithopedion (الطفل الحجري) : هي حالة يتغلف فيها الجنين بأملاح الكالسيوم ويكون تكلس الأغشية بسيط .
عدد الحالات المصابة بالجنين المتكلس
قال سرد أودين ولي في عام 1940 أن هناك شروط لازمة لتطوير حالة التكلس وهي :
- يجب أن يكون الحمل خارج الرحم .
- يجب أن يبقى الجنين في البطن لأكثر من ثلاثة أشهر .
- عدم الذهاب للمتابعة الطبية .
- يجب أن تكون الشروط اللازمة لترسب الكالسيوم موجودة .
وقال شرينك في عام 1893 أن التحجر أو التكلس أثناء الحمل خارج الرحم يحدث بنسبة 1.8 في المائة، أو في 11 من بين 610 حالة، بينما قدر بينبريدج في عام 1912 معدل الإصابة بـ 1.5 في المائة، أو 9 من بين 626 حالة، وفي عام 1928 أبلغ ماسون وسيمون في مستشفى مايو كلينيك عن وجود 9 حالات بين 445 حالة حمل خارج الرحم أو بما يقدر بـ 2 في المائة مصابين بالتكلس .
في عام 1939 قام ماتيو بإضافة 31 حالة إلى تلك التي تم جمعها سابقا، ومن بين الحالات الـ 31 تم اكتشاف 8 حالات عن طريق التصوير الشعاعي، وفي عام 1941 رفع ريفز وليبمان العدد الإجمالي للحالات المبلغ عنها سابقا إلى حوالي 236 حالة على فترة خمسة قرون تقريبا، ثم تم رفع الحالات إلى 247 حالة، ويوضح ماتيو أن المرضى تتراوح أعمارهم من ثلاثين إلى مائة عام، وقد قام ماتيو أيضا بجمع 274 حالة مسجلة بالتكلس حتى 1936 من حالات الحمل داخل وخارج الرحم [3] .
وقت وجود الجنين المتكلس داخل الأم
يمكن أن يبقى الجنين المتجر في الرحم سنوات عديدة جدا، ففي حالة ظهرت مؤخرا لسيدة كانت تبلغ من العمر حوالي 73 عاما، واكتشف الأطباء أنها تحمل طفلا في جسدها لأكثر من 30 عاما، لكن من الواضح أن الطفل لم يكن على قيد الحياة بل كان طفلا حجريا، ولم يكن لدى المرأة فكرة أنه موجود، ولقد ذهبت المرأة إلى المستشفى تشتكي من آلام في البطن، وكان هذا هو السبب الذي أدى إلى اكتشاف هذه الحالة الغريبة .
ومع ذلك لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر، فعلى على الرغم من أنه نادر الحدوث إلا أنه قد تم الإبلاغ عن حالات انتقلت فيها النساء إلى المستشفيات للشكوى من آلام في البطن أو الانتفاخات التي لا يمكن تفسيرها، أو الأعراض التي لا علاقة لها بأي مرض، وفوجئن بعد الفحص أنهن يحملن طفلا حجريا [4] .
حالات مصابة بتكلس الجنين الحجري
1- في حالة لسيدة فرنسية الجنسية تدعى مدام كولومب، والتي كانت حاملا في سن الأربعين ولم تلد، وأصبحت بعدها طريحة الفراش لأنها تشعر دائما بالإرهاق، وألم البطن، وبعد وفاتها في 1582 اكتشف الأطباء وجود جنين متحجر داخل بطنها، وقد حملت بالطفل لمدة 28 عام، وهذا سبب لها انتفاخ في البطن .
2- في الحالة الثانية كانت هناك امرأة تدعى آنا مالرين وهي سيدة ألمانية حملت في عمر 48 عام، ثم جاءها ألم المخاض لسبعة أسابيع، لكنها لم تلد، وظلت بطنها منتفخة، وقد أخبرها الطبيب أنه حمل كاذب، ثم حملت آنا بعد ذلك وأنجبت طفلين أصحاء، وعندما توفيت في عمر 94 عام وتم تشريح جثتها، اكتشف الطبيب أن هناك كتلة صلبة في بطنها، وكانت طفل متحجر الذي حملت به في المرة الأولى .
3- في حالة أخرى كان هناك امرأة تدعى راندي جونزتادر وهي امرأة من الدنمارك، حملت في طفلها لمدة عشر أعوام، ثم أخرجت هذا الجنين المتحجر من خلال شق في بطنها، وكانت حينها في عمر الخمسين .
4- وفي حالة من الوطن العربي تحديدا من المغرب تدعى زهرة أبو طالب، اكتشف الأطباء وجود طفل متكلس داخلها حينما ذهبت للمستشفى تشتكي من ألم المخاض، وأخبرها الأطباء أنها تحتاج لعملية قيصرية، لكن زهرة شاهدت امرأة تتألم جدا وهي على وشك الولادة القيصرية فخافت وخرجت من المستشفى، وظلت زهرة بالطفل لمدة 46 عام لأن الألم توقف بعد بضعة أيام، وفي عمر 75 تعرضت لنفس الألم مرة أخرى، فخافت من أن يكون ورم في المبيض وذهبت للطبيب، وبعد الأشعة والفحوصات اكتشف الطبيب وجود طفل متحجر طول هذه السنوات