أول ما يجب أن ينصب عليه جهد الإنسان في تطهير نفسه أن يطهر نفسه من الكفر بالله ورسوله وما يعتبر عَلَماً على الكفر بالله ورسوله من إنكار للمعلومات من الدين بالضرورة أو من إتيان ناقضٍ من نواقض الشهادتين، لأن الكفر ظلمات ولأنه لا ينفع معه عمل.
ثم يطهر نفسه من النفاق سواء كان نفاقاً نظرياً أو عملياً. والنفاق النظري أن يكون اعتقاده في حقيقة الإِسلام يخالف ما أعلنه من إيمان بالإِسلام، والنفاق العملي أن تكون له أخلاق المنافقين في موالاة الكافرين أو في مودتهم أو في ربط المصير معهم أو إخلاف الوعد أو في اعتياد الكذب أو في الخيانة والغدر.
وأخطر الأشياء على الإِطلاق الكفر، ولذلك يجب أن يفتّش الإنسان دائماً عمّا إذا كان عنده شيء منه، كأنْ يعتقد اعتقاداً مكفراً، أو يأتي ناقضاً من نواقض الشهادتين ذاكراً أو غافلاً، فكثيراً ما يحدث في عصرنا أن يكون عند الإِنسان مكفّر ولا يَشْعر، وكثيراً ما يخرج على لسانه ناقضٌ من نواقض الشهادتين ولا يشعر، أحياناً في لهوه ومزاحه، وأحيانا في جدّه وتشقيقات لسانه.
وعليه أن يتفطّن للمعاصي الظاهرة والباطنة كبيرها وصغيرها، فكثيراً ما تجر الطاعة إلى طاعة والمعصية إلى معصية، ومن أهم ما ينبغي أن ينتبه إليه المعاصي غير المحسّة، كمعاصي القلب واللسان، فكثيراً ما يكون الإِنسان حاسداً أو معجباً بنفسه أو متكبّراً وهو لا يشعر، كما أنّه كثيراً ما يقع في الغيبة والنميمة وهو غافل.
وهنا فارق بين المعصية والبدعة، فالعاصي يعرف أنّه في معصية أمّا المبتدع فيعتقد أنّه في بدعته على الحق، وأنّه أقربُ إلى الله ممن ليس على بدعته.
وأخطر أنواع البدع بدع الاعتقاد، وبدع الأعمال المجمع على بدعيتها عند أئمة الاجتهاد، أمّا ما اختلف فيه أئمة الاجتهاد فالأمر فيه واسع وعلى العبد أن يحتاط لدينه فيدور مع الدليل حيث دار إنْ كانَ أهلاً لمعرفة الدليل.
فعليك أيها السالك إلى الله أن تتخلص من كل أنواع الابتداع فذلك مع تجنبّك الكفر والنفاق والعصيان هو الذي يفتح أمامك باب الهداية والزيادة. قال تعالى:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد: 17] فإذا ما طهر الإِنسان نفسه من أدران الكفر والنفاق والعصيان والابتداع، فعليه أن يتابع تطهير نفسه من بقايا الشرك الظاهر والخفي وذلك مضمون الفقرة الثانية: