أفاد مراسل الجزيرة في القاهرة بأن النائب العام المستشار طلعت عبد الله إبراهيم قدم اليوم الخميس طلبا جديدا للعدول عن استقالته التي تقدم بها قبل بضعة أيام بعد تجمع عدد كبير من أعضاء النيابة في مكتبه لإرغامه على الاستقالة، وأرجأ البت فيها إلى يوم 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
في هذه الأثناء قال الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى المستشار محمد محجوب لرويترز إن إبراهيم تقدم إلى رئيس المجلس المستشار محمد ممتاز متولي بطلب رسمي 'يعرض فيه العدول عن استقالته'.
وكان إبراهيم الذي عينه الرئيس محمد مرسي قبل أسابيع قد تقدم باستقالته الاثنين الماضي بعد احتشاد نحو 1300 من رؤساء ووكلاء النيابة أمام مكتبه، مطالبين باستقالته وقائلين إنه شغل المنصب بإعلان دستوري أصدره مرسي بالمخالفة لإعلان دستوري صدر العام الماضي حين كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدير شؤون البلاد.
وقال رؤساء ووكلاء النيابة المحتجون إن قيام مرسي بتعيين إبراهيم بعد إقصاء النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود باستعمال سلطات واسعة منحها مرسي لنفسه بمقتضى الإعلان الدستوري الذي صدر الشهر الماضي، يعد عدوانا على استقلال السلطة القضائية.
وقال مرسي إنه أصدر الإعلان الدستوري -الذي حصن قراراته وقوانين أصدرها من الطعن عليها أمام القضاء- ليتمكن من بناء مؤسسات الدولة بعد إقصاء الرئيس المخلوع حسني مبارك يوم 11 فبراير/شباط 2011.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي قد وصفت ضغط رؤساء ووكلاء النيابة الذي أفضى إلى استقالة إبراهيم بأنه 'جريمة'، وطالبت مجلس القضاء الأعلى برفض قبول الاستقالة.
اعتصام واجتماع
وقال مصدر بمجلس القضاء الأعلى لرويترز إن إبراهيم ذكر في طلبه أنه 'اضطر إلى تقديم الاستقالة تحت حصار مكتبه ومنعه من الخروج والحركة والاعتداء عليه بالقول'.
وفور إعلان نبأ عدول إبراهيم عن استقالته قال رؤساء ووكلاء نيابة إنهم علقوا العمل وسيبدؤون اعتصاما مفتوحا بدار القضاء العالي التي تضم مكتب النائب العام وعددا من المحاكم العليا إلى حين قبول استقالة إبراهيم.
ودعا مجلس إدارة نادي قضاة مصر -الذي يضم رؤساء ووكلاء النيابة في عضويته- إلى اجتماع طارئ اليوم لاتخاذ موقف من عدول إبراهيم عن الاستقالة.
وكانت جمعية عمومية طارئة للنادي قد رفضت الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي الشهر الماضي وما ترتب عليه من إقالة النائب العام السابق.
محاربة الدستور
من جهة ثانية حثت المعارضة المصرية أنصارها على رفض الدستور الجديد الذي يجري الاستفتاء عليه السبت القادم في المرحلة الثانية من التصويت.
وقبل 48 ساعة من الجولة الثانية من الاستفتاء، دعت جبهة الإنقاذ الوطني -التي تضم ليبراليين ويساريين ومسيحيين ومسلمين علمانيين- الناخبين إلى التصويت بلا على الدستور الذي يرى التحالف أنه يحمل صبغة إسلامية بدرجة مبالغ فيها.
وأسفرت المرحلة الأولى من التصويت الأسبوع الماضي والتي شملت عشر محافظات، عن أغلبية بلغت 57% من الأصوات المؤيدة للدستور الذي روج له الرئيس مرسي باعتباره خطوة مهمة على طريق تحول مصر إلى الديمقراطية بعد مرور عامين تقريبا على الإطاحة بمبارك.
ومن المتوقع أن تسفر المرحلة الثانية بعد غد السبت -وتضم 17 محافظة- عن موافقة الأغلبية مرة أخرى، إذ إن هذه المرحلة تغطي مناطق ينظر إليها باعتبارها أكثر محافظة، ومن المرجح أن تدعم مرسي.
وقالت جبهة الإنقاذ التي تمثل ائتلاف المعارضة الرئيسي في بيان 'إن التصويت بلا إنما هو موقف في مواجهة محاولات جماعة الإخوان للاستحواذ على الوطن والهيمنة على مقدراته. وتثق الجبهة في أن الشعب المصري يحقق انتصارات يوما بعد يوم، ليس فقط في نتائج المرحلة الأولى التي أذهلت من قاموا بعمليات التزوير، وإنما أيضا في معركة المواجهة من أجل مستقبل مصر'.