لا شك أن ظاهر –وباء كورونا- العذاب، لكن باطنه الرحمة.. أو الفرصة المفترضة للاستفادة من هذا الظل القاتم الذي جثم فجأة ومن دون مقدمات على أنفاس الكرة الأرضية من شرقها لغربها.هذا الوضع المعتم الذي يتطلع لعدة أضواء في النفق الطويل. فاللقاح الذي تنتظره البشرية من شأنه أن يهم في إيقاف كرة النار المتدحرجة من أعلى الصين إلى أسفل الأميركتين، لكن هل لو سيستمر هذا الوباء في التمدد هل سيحصد أرواحاً أكثر، ويعزل الجميع عن الحياة؟!
لعل البشرية كادت أن تنسى مضمون كلمة وباء لغرورها، خاصة أنها أوجدت حلولاً لكثير من الأمراض التي أخضعها الإنسان لعلاجه ولقاحاته.
لكن اليوم يُكتب تاريخ جديد، يسعى الإنسان فيه إلى إعلان بأن المرض تحت السيطرة حتى وإن كان سببه فيروساً شرساً يجتاح الجسم، ويصل بمن يصيبه إلى مرحلة الوفاة.
هذا التاريخ سيُكتب عن حرب ضد المرض، في ظل حروب أخرى، تستهدف حتى الأطفال الأبرياء، الذين ماتوا بغاز السارين في بلاد الشام، وغيرهم من أطفال جوعى فتكت بأكبادهم تدخلات خارجية بأجندة مذهبية في اليمن، إضافة إلى حروب أودت بحياة الآلاف من أبرياء العراق جراء صراعات دولية وإقليمية.
وليت كورونا كان هو قاتل الأطفال في الشام واليمن والعراق، لأن وقتها سنقول جاء أمر الله. وليس أمر السلطة، ولا الأحقاد التاريخية التي تعكس افتراءات أرادوا أن تدفع أثمانها الشعوب العربية.
وأمة كأمتنا لا أظن أن فيروساً يعنيها بقدر ما يعنيها أن تفكك عند رقبتها «حبل المشنقة» الممتد حولها من فلسطين إلى العراق، مروراً بلبنان وسوريا واليمن والخليج العربي.
وبحسن الظن بأقدار الله عز وجل تهون علينا كل المصائب، لكن المعضلة المستمرة هي أن ينقض علينا الأشرار وتسرق العراق جهاراً نهاراً تتبعها صنعاء، هذا ما يجعل المسألة منهجاً يومياً لاستهداف استقرار العالم العربي.
نحن منتصرون على كورونا لا محالة، ويبقى أن ننتصر على ظنون الأعداء، وندحر تصوراتهم الزائفة وادعاءاتهم بأننا وصلنا - لا قدر الله- إلى مرحلة عجز أو استسلام.
سينتهي مأزق كورونا بأقل الخسائر، وبمكاسب جمة سنتعلمها من هذه التجربة القاسية جداً لتصنع قاعدة جديدة ننطلق بعدها إلى رحابة الطب والعلم والتفوق فيهما.
وأيضاً سننتصر في حروب أرهقت عقولنا وجهدنا في مواجهة عدو متخف بذيول وعفاريت وهمية تدعي بما ليس لها، فعلينا أن نستعد، نشحذ الأنصال استعداداً للدفاع عن حقوقنا، وصون مكتسباتنا في عالمنا العربي.