قطيفيون يواجهون «كورونا» بإبداعات فنية ورسائل اجتماعية
بواسطة : إيمان السويدان - القطيف اليوم - القطيف اليوم
18 مارس، 2020
أن تكون مبدعًا يعني أنك تحمل رسالة، هذا ما ترجمه مواطنو محافظة القطيف في مواجهتهم الحجر الصحي بسبب وباء “كورونا”، من خلال توظيف إمكاناتهم الفنية والأدبية؛ إما للتوعية أو لإبراز جمال القطيف وثباتها في ظل تفشي الفيروس.
الشاعر هادي رسول أهدى قصيدته “فخرنا أنتم” للطواقم الطبية المرابطة في المستشفيات لمحاربة المرض، وقال إن كتابته للنص الشعري تولد من استشعاره للمسؤولية الكبيرة التي يحملها كوادر الصحة في مجابهة هذا الوباء، مشيرًا إلى أن الدافع هو توجيه الشكر لهم ورفع معنوياتهم منه كفرد، فربما استطاع بهذه الأبيات أن يمثل وجدان المجتمع تجاه الكوادر الصحية، فلهم جزيل الشكر.
وأضاف أنه واجب إنساني، وعلى الإبداع أن يتأنسن، وعلى المبدع أن يحفّز إنسانيته من خلال موهبته في هذه اللحظة التي يتحدد فيها مصير الإنسان على هذه الأرض، مختتمًا بأن “الرسالة بنت الموقف، والموقف ربما هو المحفّز الأهم للإبداع”.
أما مصمم الجرافيك علي المادح، فابتدأ حديثه لـ«القطيف اليوم» بقوله: “الوعي أهم من الوقاية، ولأن التصميم الفني والإعلاني بوسائله المتعددة هو أكثر وسائل التأثير على عقول وأفكار الناس، وبذلك فإنه الوسيلة الأولى التي تشكل اتجاهات الناس نحو المواضيع والمواقف الحياتية اليومية التي يعيشونها، وبدوري كأحد أفراد هذه المجتمع حاولت إيصال هذه الرسالة لكل المجتمع أن القطيف بخير”.
وأضاف أن الصورة تؤثّر على الفرد من خلال ستة أمور رئيسية، فقد يكون تأثيرها إمّا على مدى الإدراك لديه، أو على اعتقاداته، أو على سلوكه، أو على عاطفته، ولهذا تم اختيار صورة رمزية من بيوت القطيف التراثية وبألوان البحر، وجاءت فكرة التصميم عملية مترابطة ومتسلسلة، والتي يجب أن تراعي الجانب المهني والجمالي لإثراء التصميم ذاته، حيث جاءت الألوان والصورة بمنحها الطابع التراثي واللون الممتزج بهويته وثقافته، والذي يعبر عن دلالات ثقافية تحمل معاني رمزية وجمالية متفاعلة مع سمات المجتمع وتتأثر بالتقاليد المختلفة للبيئة وتتصف بالديناميكية المعبرة عن المكان والحنين إلى الماضي (نوستالجيا)، وتُلبّي احتياجات الإنسان العاطفية، حيث يشعر بالراحة، والاسترخاء، والهروب من الواقع.
ويحكي “المادح” أن فكرة “القطيف بخير” أتت أولًا من منطلق دوره كمصمم فني، فالمصمم يجب أن يكون قادرًا على تطويع أدواته في التعبير عن أفكاره لإعطائها الصفة التطوعية لنتاجه التصميمي، وإيصال رسالة توعية للمجتمع تبعث على التفاؤل وبعيدة عن المشاحنات والإشاعات أن القطيف لا تزال بخير وعافية، الأمر الذي تطلب وجود وسائل إعلام تستجيب لحاجات المجتمع وتخدم الوطن.
ويتابع: “بعدها تمكنت من نشر رسالة توعوية (الوعي أهم من الوقاية)، ولاقت صدى كبيرًا في المجتمع الواعي المثقف، وأثبت حبي لوطن كأمانة يجب المحافظة عليها، وآخرها كان تصميم “قاعد بالبيت لأجلك يا وطن”، الدور الذي يراه كل مصمم كوظيفة اجتماعية، حيث يعتبر التصميم أهم وسيلة من وسائل التأثير الجماهيري، وقد لعب دورًا في حياة المجتمعات وفي حل إدارة الأزمات وهو فن صعب، فعندما يحدث ما لا نتوقعه نتساءل: كيف نواجه المواقف والأحداث بصورة أو رسم أو كاريكاتير؟”.
أما التوستماسترز أحمد قريش، فأطلق مبادرة “وقفها عندك”، والتي تهدف لإيقاف الشائعات والأخبار المكذوبة، إيمانًا منه بأن كل فرد في هذا المجتمع يستطيع خدمة وطنه في هذه الظروف بطريقته الخاصة، مؤكدًا أن مهارة التعليق الصوتي والتمثيل لا تقل أهمية عن بقية المهارات، لذا قرر استثمارها لإخراج مواد هادفة وتوعوية في ظل هذه الأزمة.
وقال “قريش”: “تبنيت هذا الدور لأنه واجب وطني علي وعلى كل مؤثر في وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية المجتمع بطريقته الخاصة، مستغلًا شعبيته الواسعة لبث رسائل التطمين وتخفيف مشاعر الخوف والقلق”.
أما فكرة “وقفها عندك”، فقال عنها: “أحب دائمًا التفكير خارج الصندوق، فنقل الرسالة بطريقة تقليدية يشعر المتلقي بالملل، لذلك بدأت بالتفكير في سيناريو يصنع البسمة وفي نفس الوقت يوصل الرسالة في أقل وقت وبفعالية أكبر، كتبت السيناريو ثم سجلت التعليق الصوتي وأضفت المؤثرات، وبعدها قمت بتصوير المشهد في إحدى زوايا المنزل”.
واختتم حديثه مؤكدًا: “نحن اليوم في مركب واحد، وعلينا أن نتكاتف ونتحد لتجاوز هذه الأزمة، كلٌّ بطريقته الخاصة، فالممارس الصحي يساعد من خلال عنايته بالمرضى، ورجل الأمن من خلال حفاظه على أمن البلاد، أيضًا من يملك المواهب والمهارات المختلفة يستطيع أن يساعد في تخطي هذه الأزمة بمهاراته المختلفة”.
وفضل المدير العام لمؤسسة ركوردينغ علي الغانم بث جرعة إيجابية لأهالي القطيف من خلال فيديو عكس الصورة الجمالية للقطيف لإحياء الأمل فيهم، وقال: “ممكن تخليك تشعر بأي قدر أنت تحب هذا المكان، وكيف تحتاج أن تلتزم بالتعليمات لتصل لنتيجة القطيف بخير”.
وأضاف “الغانم”: “الواجب علينا كمنتجين، ومبدعين، ومؤثرين؛ المساهمة في تنفيذ وتوصيل الرسائل التوعوية، وكل شخص يمتلك من الأدوات والإمكانات ما يملك عليه أن يوصل الرسالة، ويشارك في التوعية”.
وأشار إلى أن القصيدة من كلمات الأستاذ الشاعر نضال آل رمضان، وهي عبارة عن مقطع من قصيدة تم تنفيذها قبل سنتين في حفل تخرج طلاب مدرسة دار الحكمة، وتمت إعادة تسجيل المقطع، وهو من أداء المنشد منتظر صويلح.
فاضل الدهان، الناشط الاجتماعي، تحرك بتلمس الاحتياجات في الأزمة مع مجموعة من أبناء المجتمع بإطلاق مبادرة “بصمة قطيف”، قائلًا بمحبته المعهودة للقطيف وللخير فيها: “وش يحركنا غير حبنا للقطيف والسعي لتقديم شيء لها”، فالأزمات، حسب تعبيره، تخلق تفكيرًا إيجابيًا لدى البعض، ونحن ربما منهم، حيث انبثقت فكرة “بصمة قطيف” لبعث رسائل إيجابية للناس بعد اتفاق مجموعة من الأشخاص ممن لديهم حس المسؤولية ولديهم متابعون في السوشيال ميديا لإبراز الرسائل، واشترطنا أن لا تظهر أسماء، فكلنا واحد لا فرق بيننا”.
المصور والمنتج كميل السيهاتي أو كما يحب أن يسمي نفسه “كيمو برودكشن”، ساهم أيضًا مع مجموعة من الناشطين والمنتجين والمحال بإطلاق مبادرة “نمباك سالم” للتوعية والحد من انتشار وباء كورونا، وذلك لأن الأخبار والواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح حديثها الوحيد هو فيروس كورونا.
وتحدث عن الفكرة بقوله: “داخل البيوت حل عليها العتمة والخوف والقلق، هذا المزيج من الفكرة وكأن “سوبر هيرو التعقيم” يستلم أكلك ويجلبه لبيتك، بس انت خلك عازل نفسك في البيت”، متمنيًا أن تصنع الفكرة الابتسامة داخل البيوت للكبار وحتى الصغار لتحفيزهم على التعقيم والنظافة”.
وأضاف: “الدور كبير جدًا بالنسبة للفنانين في هذا المجال، فالكلام لم يعد يوصل الرسالة بالشكل اللازم، والمتلقي يحب أن يرى ويجذبه الشيء المتحرك أو صورة تتكلم، وهنا يأتي دورنا بصنع محتوى جميل ورسالة توعوية اجتماعية”، مشيرًا إلى أنه وفريق العمل محظوظون باختيارهم من قبل القائمين على حملة “نمباك سالم”، وجاءت الفرصة أن نوظف نظرتنا الفنية في مثل هذا الوقت الصعب.
وأوضح أنها لن تكون الفكرة الوحيدة، فهم يعملون على فكرة جميلة لإظهار جمال وثقافة وعراقة محافظة القطيف ككل بأسلوب تصويري حضاري، والهدف من الفكرة لتقوية ارتباط وانتماء سكان المنطقة ببعضهم البعض، كما ستغير الصورة النمطية الموجودة عن محافظة القطيف خارج المنطقة، مشيرًا إلى أن القطيف فيها جمال، وهذا هو الوقت الذي لابد أن نسلط الضوء عليها.
صور:
وجوه في زمن كورونا.. للتشكيلي عبدالعظيم الضامن
القطيف بخير للفنان علي المادح