.
لِلغَــريبِ الّــذِي ..
….
للرِّيح هَذا الكَلام
للقَادمين
يُروِّضونَ الأسْلاكَ بأنَامل مَوتهم
لصبَّار أسرفتُ أخطُو في اتجَاهه
للغَريب الَّذي أقفلَ البَاب،
وجلَس أمامَ ظِلّه يَتنفسُ صَمتَه
ويُقطر غَـيمَه
قالَ لي مرَّة : أنتَ مَيت
أنتَ فَارغ ومَهجُور ومنكَ إليكَ،لا شَيء
صَدئا وُلدتَ
وأصبتَ بالضَّحك وبالصَّمت
فلا تَبحثْ عن يَأس قَديم يُفسرُ يُتم أصَابعك
الحربُ
والقَبيلةُ تـُضيئَان كلَّ شَيء !
.
ومَرة خلفَ الضبَاب لَم يعرفْني
كنتُ إشارةً تغرَق
لم يجدْ شفتَيه لكيْ يُسمِّيها
مِثلي هُوغائبٌ يتدفأُ بحطَب الذكريَات
وينتظرُ مَجيءَ الأعمَى
كُنا معا نَحلمُ
وكانتْ لنَا أسمَاء ونهرٌ
الآن نَهبطُ ظلاًّ في الرِّيح
ليسَ في وُسعنَا أن نُقيمَ أفقاً لنَتضوَّأ
هوأنا ،
وأنا لا أفعلُ شيئاً
أمارسُ مَوتي فقَط،
الحياةُ كلمَات وأنَا أنْمحي فيهَا
مُنصتاً
للنَّوارس تأخذُني إلى سرِّ أشكَالها
أُراوحُ
بين َدَم ومَاء
بين َطفْل وموْت
وأخلعُ الرَّمزَفَلا أقرأ إلا الظِّلال
.
لَستُ مَيتاً تَماماً فمَا زلتُ أشردُ
أصَابعي دافئةٌ وتَتفتحُ بالهَذيَان قليلاً
كلَّ مسَاء تَنتظرُني في
الأعَالي المُعتمَة
نَتعرَّى في مَخابئ الحبْر، ونَبتعدُ في رهَان الحَيرة
قَادمين من نصَال الرَّماد، ذاهبينَ إلى السُّؤال
هَاهيَ ذي تُصغي
لتلكَ الوُرود الفَانية في الحَديقة ،
تَخطو ورَائي
سَنكتبُ أغنيةَ اللَّيل ولنْ يسمعَها أحَد !
.
علَى الورَق سلَّتْ عليَّ أهدابَها
فَتحتْ مخَابئي
فَانهمرَ المطرُ
اِجهـرْ برؤاكَ ، قَالتْ
واسْلُكْ مَسلكَ المَاء !
سَتسمعُ أنينَ الأبجَدية ويُضيئكَ تَعبُ اليابسَة
تواطأْ معَ صَمتكَ وادخلْ جهَات العشْق
بَطيئاً
كصَباح يُدثرهُ ضَبابُ الحُلم
يَجيئكَ وميضٌ منِّي
نَقتربُ من جَمرَة الكَائن ونُهيءُ من
اشتعَالاته أثوابَنا
.
يَقيناً تُورق الجمرةُ برائحَة الجذُور
(فأشهرْ وَعدَك أيها الطفلُ! لتعلنَ أجنحَتي فتنتَــ ـهَا )
أنتِ الخُطى إلى نَسيج الشُّرفَات
وسَهلِ العذُوبة حيثُ تنهضُ الجذُور مرَايا
ويتبدَّى مطرُ الغابَات نابضاً في جُرح الكَلام
فانثُريني
وارتَديني نفَسا
مثقلاً باشتعَالات النَّهر
لا خطَى دونَك
لا وَردَة إلاك
ولْيشهدِ الموجُ الَّذي عَلا
وعلمَني،بلهَب الدَّوي، كَشفَ العمَاء !
.
تلكَ الورُود الفَانية تقتَفي أثَري
وأنا بالجَمرةِ ،
آه
بوَردَة الرُّوح أسكَر
وأكتبُ الأغنيَّة
.
لنْ يَسمعَها أحَد
هيَ فقَط ،تَسيلُ
تُبددُ هديرَها
وتجذبُني لينَابيع الزوَابع والذُّهول
.
طَافحاً بمَواويلك وجَناحي حَيران
قُولي أيتُها الأغنيةُ
أيُّ الجهَات أبعَد لشَريدٍ
مُثقلٍ
بإرث الظِّلال وأوجَاع الهَزائم ؟
وأيُّ مدَى يبقَى ،
أي جسْر،
أي خُطوَة قَد تمتَد ؟
وأي حُلم يُلغي المَراثي
ويُعلن بُروق العَاشق ؟
أي صَرخة تليقُ بالعظَام ؟
.
رُويداً إذاً
سأسهُو وسَيأتي
الليلُ مَحفُوفا بالكمَان الصَّامتِ
بخَواتمِ الأنقَاضِ والسنَابل
لتَفتحَ الشَّهقَةُ اشتعَال الإشَارة
ويَدلفُ طفلٌ أغوتهُ الفراشَةُ إلَى
صبَاح شَريد
ومَاذا
لوْ أخرجُ إليْه
ويَخطُو مَعي الحبرُفي
الأغنيَّة التي لَن يَسمعَها أحَد ؟
لوْ
نَنهضُ نَتخبطُ مَعاً في الشَّرخ
نَخيطُ الميَاه بجَمرة شاردَة
ونَدخل ُمعاً رَقصةَ الرَّماد والأسرَار ؟
هيأتْ لغَتي حَرائقَها وَورداتهَا
فَليكتَملِ الحضُور !
لأبْدَأ رَسمَ أشكَالي طفلاً وظلاًّ
وأنثرَ
للرِّيح هَذا الكَلام
لِلغَريب الَّذي ..
سَيمُوت
قبلَ الصَّباح .
منقوول