هل يتوَّج ليفربول باللقب أم يُحرم منه؟ وما مصير ريـال مدريد وبرشلونة ؟ الدوري في زمن الكورونا !
“المنحوس منحوس… ولو حطوا فوق قرعتو فانوس!” كلمات المثل الشعبي التي نطق بها يومًا ما “أسعد خشروف”، والتي قد تصف اليوم حال النادي الإنجليزي الكبير ليفربول، فبعد سنين طوال منذ آخر مرّة كسب فيها لقب الدوري المحلّي، ها هو اليوم تحت رحمة وباء عالميّ يحول بينه وبين اللقب الأكثر انتظارًا في النادي لعقود.
تخيّل أن تكدح وتمضي، وتحطّم حرفيًّا كلّ أندية البلاد، وتتصدّر دوريك بفارق لم يسبق له مثيل أبدًا، وأن تكون على أعتاب مباراتين اثنتين (وقد تكون واحدة) لتحقّق حلم لاعبيك وجماهيرك الكهّل قبل اليافعين، ثم يأتيك أحدٌ ما قد راق له طبق من الخفافيش (إن صحّت بعض الروايات) في حيّ من الصين على الطرف الآخر من الكوكب، وبين عشية وضحاها، يُمنى ذلك الحيّ ومدينته بوباء، ليُصار بناءً عليه إلى إغلاق سائر أهل الأرض بلدانَهم وأشغالهم، فتُمسي بلا حول، ولم يعد مخوّل لك مجرّد لعب الثانية الأخيرة للفوز!
في الواقع، لم تكن تلك المرّة الأولى التي تتحطّم فيها آمال النادي الأحمر بسبب خطأ كوني عبثي صغير، وإنّ عشاق النادي ومتابعي الكرة الأوروبيّة يعلمون جيّدًا القصص السابقة مع زحلقة ستيفن جيرارد وغيرها، وبالنظر إلى آخر مغامرات النادي في دوري أبطال أوروبا، فإنّ القدر وكأنّما يوحي بأن لن تكون تلك الضربة الآخيرة، إن قُدّر للبلاد النجاة واستئناف الحياة كسابق عهدها مجدّدًا.
لكن دعونا الآن من العبر، ولنخضْ في التفاصيل الواقعيّة، والسيناريوهات الأكثر احتمالًا وترجيحًا، سواءً للدوري الإنكليزي، أو لسائر المسابقات الكرويّة في أوروبّا هذا العام، وإليكم في البداية ملخّصًا لأبرز ردود الفعل والقرارات والإجراءات الرسميّة التي اتّخذت في القارة العجوز حتّى تاريخ يوم الأحد، 15 آذار 2020، فيما يتعلّق بمختلف المسابقات والنشاطات الرياضيّة، بعد استفحال الوباء في أوروبا، ووصوله لعدد لا بأس به من اللاعبين والمدرّبين والمسؤولين في الرياضة الأوروبيّة.
الإثنين 9 آذار :
رئيس الوزراء الإيطالي يعلّق كافّة الأنشطة الرياضيّة في البلاد، بما فيها مباريات الدوري الإيطالي للدرجة الأولى (الكالتشيو).
الأربعاء 11 آذار :
الاتحاد الدولي لرفع الأثقال (IWF) يؤجّل بطولة أوروبا 2020 المزمَع إقامتها في العاصمة الروسية موسكو.
الخميس 12 آذار :
1- رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم تعلن عن تأجيل مباريات المسابقة لمدّة أسبوعين على الأقلّ.
2- الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يقرّر إيقاف المباريات والنشاطات الكروية بسبب تفشّي الوباء.
3- رابطة لاعبي التنس المحترفين تقرّر إيقاف كلّ المسابقات المرتبطة بها لمدّة ستّة أسابيع.
4- رابطة دوري كرة السلّة الأمريكي للمحترفين تعلّق الموسم الحالي حتّى إشعار آخر.
الجمعة 13 آذار :
1- رابطة الدوري الإنجليزي تعلن تأجيل المنافسات حتّى 4 نيسان المقبل مبدئيًّا.
2-الاتحاد الأوروبي يوقف رسميًّا بطولتَي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوربي لأجل غير مسمّى.
3- رابطة الدوري الألماني لكرة القدم تعلن إيقاف مسابقتَي الدرجة الأولى والثانية حتّى 2 نيسان القادم.
4- الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) يؤجّل مباريات التصفيات المؤهّلة لكأس الأمم الإفريقّة 2021.
5- إلغاء سباق جائزة أستراليا الكبرى، المرحلة الأولى من بطولة العالم لسباقات Formula 1.
إذن، كانت تلك أبرز القرارات التي خَلُص بها أصحاب الشأن الرياضي عالميًّا. فلنتعرّف الآن أبرز الاحتمالات في حال استمرّ تفشّي الوباء أو انحسر، أو لم يكن بمقدور الهيئات الراعية والمنظمات والدول المعنية استكمال المسابقات فيها، وسنخصّ بالذكر الدوري الإنكليزي ـ كونه الأكثر إثارة للاهتمام ـ فالدوري الإسباني، ثم مسابقات أوروبا القاريّة، مع بعض الأفكار الهامّة حول مستقبل اللاعبين.
الدوري الإنجليزي
الاحتمال الأوّل : إلغاء الدوري بلا غالب ولا مغلوب
من الناحية التنظيميّة، لا يوجد أي نص واضح أو صريح ضمن لوائح المسابقة يوعز بإلغاء البطولة تمامًا في مثل هكذا ظروف، ولكن، كان من بين الاجتهادات والآراء وجوب إلغاء الدوري الحالي، ودون تسجيل أي بطل للمسابقة هذا العام، وحتّى دون تهبيط الفرق الثلاثة متذيلة الترتيب حاليًّا
(بورنموث، ثم أستون فيلا، ثم نورويتش سيتي)، وكذلك دون تصعيد أي من الفرق الثلاثة متصدّرة دوري الدرجة الأولى (الاسم السابق) أو دوري البطولة الإنجليزية (Championship)،
وهي ليدز يوناتيد، ثم ويست برومتش ألبيون، ثم فولهام.
وفق هذا الإجراء، سيتم اعتماد ترتيب المتصدرين الحالي من أجل التأهيل للمسابقات الأوروبية القارية العام القادم (إن أُقيمت)، ولكن، بالنظر لقرار العقوبة أو الحظر الأوربي الذي أُقرّ بحقّ نادي
مانشستر سيتي (وصيف الدوري حاليًّا) في وقت سابق من هذا العام، فإنّ الفرق المتأهلّة للعب دوري أبطال أوروبا حتى الآن نظريًّا (قبل صدور قرار المحكمة الرياضية الأوربيّة بشأن الطعن الذي قدّمه نادي مانشستر سيتي):
ليفربول (82 نقطة)، و
ليستر سيتي (53 نقطة)، و
تشيلسي (48 نقطة)، و
مانشستر يونايتيد (45 نقطة)، في حين سيكون التأهل للدوري الأوربي من نصيب ناديَي
وولفرهامبتون (Wolves) و
شيفيلد يونايتيد برصيد 43 نقطة لكلّ منهما.
ولأن آراء الأندية الأخرى مهمّة في مثل هذه القضايا في إنكلترا، فقد صرّح Karren Brady نائب رئيس نادي
ويستهام يونايتد بما يؤيّد ذلك الكلام، معتبرًا أن لا ضامن قطعيّ من بقاء الترتيب على حاله إن استمرّ لعب الدوري أو استُكملت منافسات الموسم الحالي، ويذكر أنّ نادي ويستهام يونايتد يحتل المركز 16 في ترتيب الدوري، وبفارق الأهداف فقط عن منطقة الهبوط.
لا شكّ وأنّ تلك التوجّهات ستحطّم آمال ليفربول في تحصيل لقب الدوري، وستعين بغير حقّ فرق الهبوط التي لا يحلّ لها نظريًّا البقاء في دوري لم تعد تستحقّ التواجد فيه، فضلًا عن ظلم أندية عملت شهورًا عديدة للتأهّل من دوري الدرجة الأولى، مثل
ليدز يونايتد الذي كافح بشدّة مع مدرّبه المعروف الأرجنتيني مارسيلّو بيلسا (مدرّب المنتخب الأرجنتيني سابقًا). عمومًا، بدأت بعض الأصوات تطالب بتصعيد متصدّرَي الدرجة الأولى إلى الدوري الممتاز، ولعب الموسم القادم مع 22 فريقًا، ثم تهبيط 5 فرق نهاية الموسم القادم، لتعديل الكفة على المدى المنظور.
الاحتمال الثاني : تتويج ليفربول بطلًا للدوري
يرجّح كثير من المتابعين اتفاق القائمين وذوي الشأن في إنكلترا على تتويج ليفربول بطلًا للموسم الحالي إذا ما تم إلغاء المسابقة نظرًا لعدم إمكانية استكمالها، وسيُنظر في هذا الأمر قطعًا مع اجتماع الدوري الإنكليزي الثلاثاء القادم للنظر في تداعيات الأمور وتقييم الأوضاع.
في هذا السياق، أعلنت عدّة أندية عبر مسؤوليها عدم معارضتها هذا التوجّه، بل واعتبرت أيضًا أن نادي ليفربول يستحقّ بكلّ جدارة الظفر بالكأس هذا الموسم، وإن لم يسعفه الحظ في لعب الدقائق الحاسمة الأخيرة، وقد كان من بين أولئك Paul Barber؛ الرئيس التنفيذي لنادي
برايتون (يحتلّ المركز 15 برصيد 29 نقطة)، إذ صرّح بأنّ حرمان ليفربول من اللقب أمر “غير عادل” على حدّ تعبيره.
الاحتمال الثالث : إمكانية استكمال الدوري
قطعًا لا زال التفاؤل حاضرًا بانقضاء أزمة الوباء الحالي قريبًا (أقلّه في أوروبا أو إنكلترا)، ولذلك قد يُتاح لفرق الدوري استكمال مبارياتها، ومن المتوقّع بشدّة حصد ليفربول للدوري مباشرة وفق هذا السيناريو، إذ إنّ الفرصة قائمة أمام رفاق محمد صلاح لهزيمة الوصيف مانشستر سيتي في المباراة المقرّر إقامتها مباشرة بعد انتهاء فترة الإيقاف الحالي، وكسب الدوري جراء هذا الفوز فقط.
لكن قد يشاء القدر في هذا الظرف أن يتوّج ليفربول وحيدًا ببطولته، إذ ستُلعب المباريات القادمة (إن استُكملت) دون جمهور قطعًا، وبذا سيكون النادي الذي لا طالما عاهده جمهور ألّا يمشي لوحده، سيكون وحيدًا مع التتويج الأصعب مخاضًا في تاريخ النادي ولربّما أوروبا على الإطلاق.
الدوري الإسباني
الاحتمال الأوّل : إلغاء الدوري
بالطبع، إذا ما استمر أو استفحل الوضع الصحّي في إسبانيا، فمن المقرّر إلغاء البطولة بالكامل، ودون أي تتويج لبطل أو متصدّرة، ودون أي هبوط أو صعود لمجموعة من الفرق من درجة لأخرى.
الاحتمال الثاني : اعتماد بطل للمسابقة
يبرز في هذا الاحتمال خياران :
1- إمّا أن يُصار إلى
اتباع اللوائح الرسميّة : والتي توصي باعتبار متصدّر مرحلة الذهاب بطلًا للدوري، وفي هذه الحال، سيكون الفائز هو نادي برشلونة الذي تصدّر آنذاك بفارق الأهداف عن نادي العاصمة ريـال مدريد، ولكن قد تظهر بعض الأصوات والمشاكسات التي تدعو لإقامة مباراة فاصلة لتحييد فارق الأهداف إن أمكن.
2- أو أن يتم
تتويج متصدّر الترتيب حاليًّا قبل الإيقاف كبطل رسميّ، والأمور تصبّ مجددًا لصالح النادي الكاتالوني هنا، إذ يتصدّر الموسم بفارق نقطتَين اثنتين عن وصيفه الملكيّ، بعدما أضاع الأخير الصدارة بخسارته في آخر مباراة لعبها أمام نادي ريـال بيتيس.
الاحتمال الثالث : إستكمال المنافسات
كما هو الحال في التفاؤل بتحسّن الأوضاع في أي بلد، فإنّ لدى رابطة الدوري الإسباني أمل باتخاذ الأوضاع منحىً طبيعيًّا وعودة الحياة شيئًا فشيئًا، وبالتالي استكمال المباريات بشكل طبيعي بين الفرق، لكن من المرجّح حدوث ذلك دون جماهير.
حول مسابقات أوروبا القارية وأوضاع اللاعبين
حتى هذه اللحظة، تبدو أوضاع مسابقتَي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوربّي الأكثر غموضًا، مع انتظار ما ستتمخّض عنه قرارات المعنيّين قادم الأيّام، وتشير بعض التكهّنات إلى إمكانية لعب المباريات في وقت لاحق، لكن دون جمهور بالطبع، مع إمكانية اعتماد مباراة واحدة في الأدوار الإقصائية القادمة عوضًا عن نظام الذهاب والإياب، وفيما يتعلّق بكأس الأمم الأوربيّة EURO 2020، فقد تم إرجاؤه بالفعل (ربّما لنهاية العام الجاري أو للعام القادم) مع التفاؤل بتحسّن الأوضاع حينذاك.
أمّا بخصوص اللاعبين والمدربّين، فتبرز معضلات غير مسبوقة هنا، فمن الناحية القانونيّة، وإن أمكن استئناف البطولات عقب انتهاء مواعيد التأجيل الراهنة أو القادمة، فإنّ هنالك عددًا لا بأس به من اللاعبين ممّن تنتهي عقودهم مع أنديتهم نهاية الموسم الحالي، أي بتاريخ 30 حزيران القادم، مثل إدينسون كافاني لاعب
باريس سان جيرمان، وويليان لاعب
تشيلسي، وهو موعد لا يكفي نظريًّا لاستكمال المباريات مع فترات التأجيل، فهل ستخوض الأندية مبارياتها القادمة بعد ذلك التاريخ دون عدد من نجومها، أم سنرى بعض التعديلات القانونيّة أو التعويضات ربّما!؟
من جهة أخرى يبرز العامل الصحّي مع الأفراد أو الأطقم المصابة بالفيروس، وكيفيّة التعامل معها اليوم ومستقبلًا، ومدى تأثيرها على الأندية والبطولة ككلّ، وأخيرًا يبرز الجانبين الرياضي والتجاري، إذ ستضطرّ المؤسّسات الرياضية اليوم لدفع أجور للاعبين ومدرّبين دونما عمل أو إنتاج حقيقي!
في النهاية، يبدو كلّ ذلك كلامًا في بعض المصالح العابرة والمشاعر المتباينة حول مسابقات تنافسيّة بين البشر، وفي ظلّ الوضع الراهن، لا أولويّة إلّا لحياة البشر وسلامة المجتمعات، وكلّ ما عدا ذلك يأتي تاليًا، وإن قُدّر للحياة العودة كما كانت ـ عاجلًا أم آجلًا ـ فستكون البشرية أمام تحديات عملية وفكرية لكيفية الخروج من أزمات ومعضلات لا بدّ وأنّ تتكرّر لاحقًا كما علّمنا الواقع، وإن بأشكال أخرى.
المصادر :
BBC
The Guardian
Goal.com
Republic TV
Bleacher Report
RT
FourFourTwo
TransferMarkt
FourFourTwo
TransferMarkt