TODAY - 28 September, 2010
الحكيم هدد بالانسحاب من «الائتلاف» والتحالف مع العراقية إذا تم ترشيح المالكي
قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الضغوط الإيرانية على الصدر بلغت أعلى درجاتها
بغداد: رحمة السالم أربيل: شيرزاد شيخاني
في الوقت الذي لم تسفر فيه محاولات كتلتي دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، والائتلاف الوطني العراقي، بزعامة عمار الحكيم، عن تجاوز خلافاتهما وتقديم مرشح واحد عن تحالفهما الوطني لتولي منصب رئاسة الحكومة المقبلة، كشف مصدر مطلع عن أن المجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة الحكيم وأحد أطراف الائتلاف الوطني، قد هدد بالانسلاخ عن الائتلاف الوطني والتوجه للقائمة العراقية والتحالف الكردستاني لتشكيل تحالف جديد احتجاجا على الضغوط الإيرانية التي تدفع باتجاه ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة. كان التحالف الوطني قد أمهل مدة خمسة أيام، انتهت الأحد، للاتفاق على تسمية إما المالكي، مرشح دولة القانون، وإما عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي، مرشح عن الائتلاف الوطني، لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة. وفي حال تعثر الطرفين في التوافق على أحد المرشحين، يتم اللجوء إلى آلية التصويت. وكان من المقرر أن يتم الإعلان في وقت متأخر أمس عن نتائج المهلة، غير أنه تم تأجيل الاجتماع إلى موعد آخر لعدم توصل الطرفين إلى نتائج تذكر. وقال مصدر من داخل التحالف الوطني، رفض الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الائتلافين قررا تمديد آلية التوافق سعيا منهما إلى الوصول إلى اتفاق»، مضيفا حول تأجيل الاجتماع أن «كلا الطرفين لا يملك أي شيء جديد لطرحه في الاجتماع المزمع».
وأضاف المصدر: «إن دولة القانون كانت معولة على نتائج زيارة وفدها إلى إيران، والذي يسعى إلى إقناع زعيم التيار الصدري، الذي يرفض القبول بترشيح المالكي لولاية ثانية، الأمر الذي أحدث تضاربا في التصريحات حول قبول الصدر بترشيح المالكي، والتي كان يراد منها الانتهاء من أزمة اختيار المرشحين عبر آلية التوافق»، بحسب قوله.
كان المالكي قد أرسل وفدا إلى مدينة قم الإيرانية للقاء الصدر، زعيم التيار الصدري (40 مقعدا) في البرلمان، وأحد أكبر أطراف الائتلاف الوطني، لإقناعه بترشيحه، غير أن الطلب جوبه بالرفض.
وأكد مصدر آخر أن «الضغوط الإيرانية على مقتدى الصدر قد بلغت أعلى درجاتها، الأمر الذي جعل المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم يهدد بالانسلاخ عن الائتلاف الوطني والتوجه للقائمة العراقية والتحالف الكردستاني لتشكيل تحالف جديد». وحسب المصدر لـ«الشرق الأوسط» فإن اجتماعا جرى أمس بين قياديين في المجلس الأعلى والقائمة العراقية للتباحث في هذا الأمر، في نفس الوقت الذي أجرى فيه الصدر اتصالات هاتفية مع زعيم القائمة العراقية ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. وقالت المصادر إن الصدر لمح في تلك الاتصالات إلى احتمالية تأييد المالكي. إلى ذلك، توقع حيدر السويدي، عضو الائتلاف الوطني، أن يتجه التحالف الوطني إلى لجنة الحكماء المكونة من 14 عضوا من الائتلافين، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن أطراف التحالف ستتجه إلى اختيار آلية التصويت السري داخل لجنة الحكماء، محذرا من الوصول إلى هذه النقطة، قائلا إن التصويت «سيدخلنا في أزمة لن تحل إلا بتنازل أحد المرشحين للآخر».
وعن الأسباب التي تحول دون اتفاق لجنة الحكماء قال: «إن ممثلي الائتلافين داخل لجنة الحكماء سيلجأون إلى التصويت لمرشحهما من دون النظر بموضوعية إلى قضية الاختيار»، ولمح السويدي إلى أن «عدم اتفاق مكونات التحالف من شأنه أن يهدد مصيره في تشكيل الحكومة، الأمر الذي يقود إلى ذهاب تكليف تشكيل الحكومة إلى القائمة العراقية».
من جانبه، دعا عبد المهدي إلى استئناف عقد جلسات البرلمان، مشيرا إلى أن مجلس الرئاسة سيقوم بتجديد الدعوة لانعقاد البرلمان، بحسب بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه.
وقال عبد المهدي: «إن أعضاء مجلس النواب يجب أن يتحركوا أيضا لعقد الجلسة، وألا يتركوا الأمور مفتوحة و(سائبة)».
وبخصوص قضية الاتفاق على مرشح التحالف لرئاسة الحكومة الجديدة، قال عبد المهدي «إنه لم يعقد حتى الآن اجتماع، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق، وعندما يعقد الاجتماع، سوف تعلن النتائج»، مؤكدا «أن ما نريده هو حكومة شراكة وطنية يشترك فيها الجميع». مجددا الدعوة لطاولة مستديرة تجمع الأطراف كلها، معتبرا ذلك حلا مناسبا لإنهاء الأزمة.
وأشار إلى وجود مبادرة من قبل بارزاني لاجتماع تشترك فيه القوائم الأربع.
كانت القائمة العراقية قد هددت في وقت سابق بمقاطعة العملية السياسية وعدم الاعتراف بالتحالف الوطني في حال تم ترشيح المالكي لمنصب رئاسة الوزراء.
وحذر القيادي الكردي البارز في التحالف الكردستاني النائب محمود عثمان من أن مقاطعة القائمة العراقية للحكومة القادمة «ستعقد الأوضاع السياسية أكثر مما هي عليه اليوم؛ لأن تلك القائمة تضم كتلا وأحزابا سنية كثيرة، ما قد يرجع الوضع السياسي إلى المربع الأول، وقد تنجم عن ذلك عودة الصراع الطائفي مجددا إلى العراق».
وقال عثمان في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا اكتفت القائمة العراقية بمقاطعة الحكومة وتحولت إلى كتلة برلمانية معارضة لهان الأمر؛ لأن وجود قوة معارضة داخل البرلمان أمر ضروري لتدعيم الديمقراطية، وهذا يحدث في كل دول العالم، أن تتحول بعض الأحزاب أو الكتل إلى معارضة برلمانية في حال عدم تمكنها من تشكيل الحكومة، ولكن إذا كانت المقاطعة تعني عدم تأييد الحكومة المقبلة، فإن من شأن ذلك أن يثير الكثير من المشكلات التي ستعقد الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن.
وحول مبادرة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، والتي سلم الوفد التفاوضي الكردي نسخا منها إلى الكتل السياسية العراقية، قال النائب: «المبادرة التي قدمها السيد بارزاني مبادرة جيدة وواقعية نابعة من حرصه على مصلحة البلد، وهي مبادرة تدعو إلى جمع الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة العراقية على طاولة واحدة للخروج بحل، ولكن المبادرة تواجه صعوبات جمة؛ حيث إن معظم الكتل السياسية ما زالت متمسكة بمواقفها السابقة، وترفض أي حلول واقعية للأزمة، ويجب ألا ننسى أن أميركا، بكل قوتها وتأثيرها، عجزت عن جمع هذه الأطراف على حل وطني، وهذا لا يقلل من شأن المبادرة المخلصة للرئيس بارزاني الذي تهمه مصلحة العراق، وأعتقد أنه إذا كانت هناك إرادة حرة لدى القادة العراقيين لاستجابوا لتلك المبادرة الخيرة لإنقاذ العراق من وضعه الحالي».
«الشرق الأوسط»