.
“”
…….
قد قيل كنْ :
لم يكنُ غير الجسدِ
شاهدا ، على فتنةِ الظهور
……..
الآلهةُ ؛
لم تعد تخبرُ آلامنا
حينَ ارتفعت في صورةٍ خالقةٍ
متحرِّرة ،
من غوايةِ الجسدِ
……….
إني ،
لا أدركُ العالم ، دون جسدٍ
فإذا سقطَ جسدي
سقط العالمُ
………
الوجودُ ،من سُلالةِ الجسدِ
فمتى أكلَ لحمهُ
تبخَّرَ الشعراءُ
في غيمةٍ مالحةٍ
واحترقَ بحرٌ
في كاملِ شبابهِ
………
هل يكونُ لي ؛
أن أكون جسدا
جسدا لا غير ؛
دون عفَّةٍ و سفور
دون أن أخطئ أو أُثابَ
هل يكونُ لي ؛ أن أتحرَّر وأُستعبدَ ، وأتكاملَ وأتناقصَ ، وأستعففَ وأفجرَ ،وأشرقَ وأتوارى ، و ألتذَّ و أُلامَ ،وأنزاحَ و أجيرَ وأُغيرَ وأفتكَ و أنسابَ في نسبٍ غير شريفٍ .
هل لي ،أن أضعَ جسدي وجسد القادمين من غيبٍ
في سجلٍّ وطني
لننجو من شرفِ الأجسادِ
عاريةً في المخادع؟!
……………
في البدءِ ؛ خلقني على صورتهِ
جسدا غضا طريَّا كلحمِ اشتهائهِ
ورخوا كأنفاسهِ البهيَّةِ ،سَرتَ في الكونِ ،فكانَ الوجودُ جودا من عماءٍ لم يبصرِ الجسدَ يتقافزُ في شهيقٍ و زفيرٍ على شكلِ مدٍّ وجزرٍ و غيماتٍ حبلى بالمطرِ و الدَّمِ المستودعِ في العُروقِ وفي النسغِ الذائبِ في جلدِ الطِّينِ المفجوعِ باستوائهِ من نارٍ ترفضُ
في البدءِ،
كانَ الجسدُ ؛لعنةَ اشتهائنا الفادحة
……………..
خلقتني جسدا جاهلا
وكان ؛ لا بدَّ من معرفةٍ
ليستوي هذا الخراب !
………….
هو جسدي دائمُ الهُتافِ ؛
ينفرُ و يستطلعُ و يغزو و يجرؤ ويستفحلُ و يغوي و يسقطُ في غوايةٍ ويرتفعُ في نزوةٍ و ينهالُ ويُهالُ ….
هو جسدي ؛ خطيئتي
أحملهُ كصليبٍ
وأسبِّحُ ،
باسمهِ العالي
…………..
جسدي لا يفيضُ
لتكون أنثايَ، بعضُ أضلاعي
جسدي ؛ الكونَ كلّه
والكونُ ؛ أنثى
…………..
لم يبتر الله من جسدي
غير ضلعِ الحكاية
أما تكويني
فكاملٌ ،
كالرَّحمِ الرَّحيمةِ
يومَ خرجتُ منها ؛رحمانَ
………..
وجدتُ جسدا عاريا ، دون زغبٍ ،دون ريشٍ ،دونَ أوراقِ شجرٍ ،تسترُ انكشاف خُدعةِ اللهِ وغيرتهِ ،
ثمَّ جلدتني التعاليمُ و الملابس
………..
لكِ ؛ أن تنصهري في أعضائي ،تنتخبين ماءَ الشَّهوةِ ،ويتفصَّدَ عرقٌ في ليلِ احترازكِ ،لكِ هويّةٌ تختارينها ،وخليقةٌ تتجوهرُ في صُلبِ انكساركِ ،لكِ العالمُ يستفحلُ في الخلايا ، والبصرَ يتقنَّنُ في التشريعِ ،لكِ الحدودَ تقطعُ المشاهدةَ ، والثقوبَ تستوطنُ الرؤية ،لكِ هذا الجسدُ الطَّويلُ الامتهانِ ،الجسدَ الطويلَ الاطمئنانِ …
لكِ هذا الشَّك !
……….
هوذا الجسدُ ينفتحُ ،كبرعمِ وردةٍ
أو،
كحزامٍ ناسف !
………….
الكتابةُ ؛ جسدٌ
متى تسلّلَ عقلٌ إليها
فسدت
………….
لم يكن الشاعرُ يوما ،غير جسدهِ
فإذا اغتسلَ بالقصيدةِ
ضاع !
………..
الجسدُ رحيلٌ
هيا ،نجهِّزِ الإقامةَ
لهذا الضيفِ العابر!
……….
العالمُ كلّهُ يسكنُ في جسدي : ترى الجبالَ تنتزعُ مني الرؤوسَ ، الهضابَ تستوطنُ بطني ، التلال تأخذُ الانحناءةَ ، السهولَ تنبسطُ ككفِّي ، الأشجارَ تستعيرُ قامتي ، المحيطات تسرقُ دمعي ،الأنهار تمتدُّ كلساني ، الغابات تستجيرُ بظلي ، النَّملَ و النَّحلَ يأخذانِ شقائي ، النهارَ يؤاخي بياضَ القلبِ ، الليلَ ينامُ في شَعرِ حبيبتي ،الشمسَ تشرقُ كنظرةٍ ، القمرَ يطلعُ كالشيبِ في صُورةِ والديَّ ….
الحربَ ،كصراعِ أبناءٍ مهوسين على إرثٍ وطنيٍّ مُمزَّق
…………….
لم يكن غيرُ الجسدِ
شاهدا ،
على هذا الأفول .
………..
منقوول