بسم الله الرحمن الرحيم
( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
الخلة أعلى درجة في العلاقة بين شخصين هناك الحب وهناك المودة وهناك الخلة فإذا قلنا فلان خليل لفلان أي أن أعلى علاقة بين اثنين تغطيها الخلة ... قال النبي محمد ص المرء على دين خليله ، والمرأة على دين خليلها ، ونبينا إبراهيم خليل الله
فالاخلاء جمع خليل فكل الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين لأن أي علاقة بين شخصين بنيت على مصلحة أو على منفعة أو هدف مشترك فهذه العلاقة يوم القيامة سوف تنقلب إلى عداوة فأحياناً شخصان يسرقان معاً ويكسبان معاً ويتوزعان معا وينشأُ بينهما وُد من هذه المكاسب المشتركة
فإذا وقعا في قبضة العدالة انقلَبتْ هذه العلاقة والخلة إلى عداوة فأية علاقة بين اثنين إن لم تكن وفق منْهج الله تعالى وفي سبيل الله تعالى هذه العلاقة سوف تنقلب إلى عداوة وهل من علاقة أقرب أو أمتن من علاقة الزوج من زوجته، قال تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم )
فحينما تحملهُ زوجته على الكسب الحرام سوف تنقلب هذه المودة والمحبة عداوة يوم القيامة
وحينما تنشأ مودة بالغة بين الأب وابنته من دون أن تكون وفق منهج الله وأطلق لها العنان وسمح لها أن تخرج كما تشاء وأن تلتقي مع من تشاء هذه البنت يوم القيامة تقول : يا رب لا أدخل النار حتى أُدخل أبي قبلي !
فعلاقة الأم بابنها يقول النبي محمد ص بعد أن سألته احدى زوجاته يا رسول الله : أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة ؟ فقال : نعم إلا في أربعة مواطن فقد تقع عين الأم على ابنها تقول له : يا بني قد جعلتُ لك صدري سِقاءً وحجري وِطاءً وبطني وعاءً فهل من حسنة يعود علي خيرها اليوم ؟ يقول لها : ليتني أستطيع ذلك يا أُماه إني أشكو مما أنت منه تشكين !! قال تعالى :
( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون )
الله جلّ جلاله يقول في هذا الموضوع بالذات : ( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )
لذلك لا يوجد واحد منا إلا وله مئات العلاقات أو آلاف العلاقات هذه العلاقات إن كان أساسها الحق وإن كانت وِفق منهج الله وابتغاء مرضاة الله فهذه علاقة تدوم وتبقى العلاقة والمودة حتى بعد الموت قال تعالى : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
ولا يكملُ إيمان عبدٍ حتى يحب لله تعالى ويبغض لله ويعطي لله ويمنع لله تعالى فإن كنت كذلك فقد استكملت الإيمان لذا دقق في أي علاقة بينك وبين الآخرين هل أساسها إرضاء الله وهل تزور فلان في سبيل الله أم هناك مصالح ؟ وهل هذه المصالح مشروعة أو غير مشروعة ؟ وهل هي وفق منهج الله أم لا ؟
الله جلّ جلاله يقول :
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله )
أي أطيعوه واتَقوا أن تغضبوه واتَّقوا سخطه واتَّقوا أن تعصوه وتتمة الآية وكونوا مع الصادقين فكأن الله تعالى يقول: إن أردتم أن تُطيعوني فكونوا مع الصادقين اجعل البيئة التي حولك بيئةً مؤمنةً ولا تصاحِب إلا مؤمناً قال تعالى :
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
فقضية البيئة والاختلاط والعلاقات الاجتماعية لها تأثير بالغ في سيرك إلى الله إذا كنت مع المؤمنين فهذا نصحك وهذا أعانك وهذا قدم لك الحقيقة وهذا لم يجاملك في معصية وهذا صبرك وهذا دعمك وهذا رفعك قال النبي محمد ص ( وجبت محبتي للمتحابين فيّ وللمتجالسين فيّ وللمتباذلين فيّ وللمتزاورين فيّ والمتحابون في جلالي على منابر من نور يغبطهم عليها النبيون يوم القيامة )
أنت مع من ؟ فإن كنت مع المؤمنين كان حالك راقيا جدا وإن كنت مع أهل الدنيا كان حالك دونه . لذا لن تكون مؤمنا حتى تبني كل علاقاتك وفق منهج الله تحب لله وتبغض لله تعالى وتعطي لله وتمنع لله وتصل لله وتقطع لله فإذا كنت كذلك كان هذا الذي تعامله في الدنيا خليلاً لك في الدنيا والآخرة فالخلّة في مجال التقوى أبدية لذلك قال تعالى :
( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )
وهذه جملة من احاديث اهل البيت عليهم السلام عن الاخوة في الله والصداقة والاخلاء ...
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ألا وإن المؤمنين إذا تحابا في الله عز وجلّ وتصافيا بالله كانا كالجسد الواحد إذا اشتكى أحدهما من جسده موضعاً وجد الآخر ألم ذلك الموضع "
وعن الإمام علي عليه السلام
عليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم فإنهم عدَّة عند الرخاء وجنة عند البلاء "
وعن الإمام الصادق عليه السلام :
لكلّ شيءٍ شيءٌ يستريح إليه وإن المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله
فالأخوّة التي تترك بصماتها في الحياة الداخلية والخارجية للإنسان بعيداً عن حدود الإتصال بالنسب فقط
كما قال أمير المؤمنين عليه السلام
( رب أخٍ لك لم تلده أمك )
نعمة الصداقة والاخوة الايمانية والخلة من نعم الله الكبرى على الانسان ...
❤ تحياتي وسلامي لكل اخ في حب الله وفي حب الانسانية ولكل انسان يحمل روح الله في داخله ❤
#اقتبس مما أجده في بحور الكتب من كلام العلماء والملهمين مما يثري الشخصية ويبعث التفائل في نفوس المؤمنين واقوم باعداده باسلوب مميز ومفيد# دعائكم
إعداد : محمود سلطان الحسون