لم تكن القافلة قد وصلت بعد، الكل في لهفة، المجاعة كادت تودي بالناس، كبار تجار المدينة علي استعداد تام لها، فقد وحدوا كلمتهم واتفقوا علي راي واحد، ذهبوا الي عثمان قال له كبيرهم : يا عثمان، سنشتري منك التجارة وسنوزعها علي بعضنا بعضاً، نحن كبار تجار المدينة .
تبسم عثمان مسح لحيته : اي تجارة تقصدون ؟ قالوا : تجارتك التي في الطريق .
– تملهوا حتي تصل بإذن الله .
قال كبيرهم : انت تعلم ان الناس في انتظارها بفارغ الصبر وعلينا ان نعد الامور من الآن حتي نعجل للناس البيع .
تبسم عثمان وسألهم : بكم ستشترون ؟ قال احدهم : سنعطيك نصف ثمنها مكسباً، شهق عثمان : نصف ثمنها ؟ وكيف تربحون انتم ؟! قال آخر : لا عليك يا عثمان، الناس ستشتري بأي ثمن فهم في أمس الحاجة .
أطرق عثمان برهة: – وأين الناس من المال .. ليس للناس من درهم ولا دينار. رد تاجر أخر : سيبيعون كل شئ .. القوت أهم … أطرق عثمان برهة، قال لنفسه: الناس في أمس الحاجة .. يبيعون كل شى، ثم رد عليهم: احضروا في الغد ،، وقد أكون فکرت وقررت بكم أبيعها لكم .
في الغد ذهبوا إليه، عرضوا عليه مثل ثمنها مكسيا، ولكنه قال لهم؟ عندي من يدفع أكثر .. تشاوروا | وتعالوا في الغد.. راح التجار يتهامسون: – من سيدفع أكثر؟. مثل ثمنها مکسبة .. كيف يريح من يدفع أكثر من ذلك ؟… ومن يكون يا ترى؟ نحن كل تجار المدينة. ظن التجار أن بينهم من يذهب إلى عثمان خلسة. کي يستأثر بالتجارة وحدد في الغد ذهبوا إليه..
قالوا : یا عثمان .. دلنا على التاجر الذي سيدفع لك أكثر ولكن عثمان أبي، قال أحدهم: -سندفع لك ضعف ثمنها مكسيا .. ما قولك يا عثمان؟ تبسم عثمان، مسح لحيته… – عندى من يدفع أكثر من ذلك وسترون التفت التجار بعضهم إلى بعض والريبة ملء العيون، من يا ترى يكون هذا التاجر .. قال أحد التجار – الناس في أمس الحاجة .. يعلم عثمان ذلك .. يبدوا أنه سيبيعها بنفسه.. قال له اخر – لم نعهد في عثمان هذا الجشع . قال كبيرهم؛ – با عثمان .. آخر شيء . ستدفع لك ثلاثة أمثال ثمنها مكسباء أطرق عثمان قليلا، ثم تبسم -عندي من یزید.
انصرف التجار مدهوشین، من سیدفع أكثر؟ وكيف يربح ؟ قال كبيرهم؛ ستذهب إلى عثمان ، ونعرض عليه أربعة أمثالها ريحا. وتبيعها غالية.. أربعة أمثال الثمن .. ما قولك؟ هز عثمان رأسه .. وتبسم – عشرة أمثال ثمنها .. ما قولكم؟ عندك من يشتري بأكثر؟ عندي وسترون .
تسربت الأنباء أن القافلة على مشارف المدينة، واستعد التجار الاستقبالها. أحضر كل واحد منهم ما يملك، باع كل واحد منهم الغالي والنفيس، فالقوت أهم وتربص تجار المدينة كي يروا ذلك التاجر المغامر، التف الناس حول الإبل، خرج عثمان، سأل كل واحد عن حاجته قال تجار المدينة: – استأثر بها عثمان .
وصلت الإبل وحطت رحالها، وأخذ عثمان يوزع، لكل واحد ما ایرید، من دون أن يقبض درهما أو دينارا، قال كبير التجار والدهشة تتملكه – بكم تبيع يا عثمان؟ فأجاب : بعشرة أمثال ثمنها ، قالوا في تعجب : تراك لا تأخذ شيئا؟ تبسم عثمان قائلاً : أبيع لله .. الحسنة عنده بعشر أمثالها .. هل كان عندكم أكثر من ذلك؟