خوارزمية مبتكرة لاستكشاف أنماط الطبيعة الساحرة



أنماط الخطوط الصفراء والزرقاء لأسماك الزرد (ويكيميديا)

لطالما تدهشنا الطبيعة بلوحاتها الفنية الخلابة، فبعض من هذه اللوحات يحمل خطوطا مضيئة وأخرى داكنة تضاهي لوحة "ليلة النجوم" للفنان الهولندي فان غوخ. وتعد خطوط سمكة الزرد (الدانيو المخطط) من بين تلك اللوحات البديعة في الطبيعة.
تتحرك ثلاثة أنواع من الخلايا الصبغية في أجنة سمك الزرد حول الجلد لتستقر في أماكن مختلفة مشكلة خطوطا صفراء وأخرى زرقاء بطول الجسم.
الأسس الوراثية
لكن العلماء لم يتمكنوا من قبل من فهم الأسس الوراثية التي توجه هذا التناغم الدقيق من الخطوط المستعرضة. بيد أن خوارزمية جديدة وضعها علماء من جامعة براون قد تتمكن من فهم ذلك.
ففي بحثهم الذي نشر مؤخرا في 25 فبراير/شباط في دورية "بي أن أي أس" تمكن العلماء من تحديد السمات المختلفة للأشكال والأنماط التي تكون خطوط سمكة الزرد، ومن ثم أمكنهم اختبار الأفكار المختلفة حول آلية تكون تلك الخطوط.
تحرك الخلايا الصبغية واستقرارها في أماكن مختلفة لأجنة سمكة الزرد (ويكيبيديا)
لفهم آلية تكون تلك الخطوط يتحدث بيورن ساندستيد -قائد الفريق البحثي من جامعة براون- لموقع "فيز أورغ" قائلا "إن الهدف الرئيس الذي يكمن وراء دراسة خطوط سمك الزرد هو فهم كيفية التطور المبكر للكائنات الحية. وكيف تعبر الجينات عن نفسها لتشكل تلك الأشكال والأنماط الظاهرية".
وأضاف أن "العلماء طوروا نماذج محاكاة للمساعدة في ذلك، لكن العائق كان يكمن في أنهم كانوا يفحصون عددا قليلا من سمك الزرد أو بعضا من الصور الناتجة عن عمليات المحاكاة ومن ثم يبحثون عن أوجه التشابه والاختلاف. لذا أرادوا بناء نموذج آلي أكثر موضوعية يمكنهم الاعتماد عليه لفهم ذلك.
أنماط مختلفة من الخطوط
يعد سمك الزرد من أفضل الأمثلة التي تمكن من فهم التغيرات الوراثية التي تؤثر في تكوين الأنماط المختلفة. إذ إن أجنة تلك الأسماك شفافة وتتطور سريعا، مما يمنح الباحثين الفرصة للتعرف على تطور تلك الأنماط بشكل دقيق.
تمكن العلماء من قبل من التعرف على عدد من الطفرات الوراثية التي تغير الأنماط الصبغية لسمكة الزرد، فبعض هذه الطفرات تغير استقامة تلك الأنماط، وبعضها الآخر يضفي على الأسماك أشكال الصفوف المنقطة بدلا من الخطوط.
بعض الطفرات تسبب ظهور الأنماط البقعية لسمكة الزرد (ويكيبيديا)
تختلف هذه الأنماط نتيجة للتغيرات في الطريقة التي تتفاعل بها الخلايا الصبغية مع بعضها البعض وكيفية تحركها أثناء تطورها. لذا طور العلماء نماذج حاسوبية يمكنها محاكاة تكون وحركة هذه الأنماط الخلوية، مما أدى إلى معرفة الأسس الحاكمة لهذه العملية.
البيانات الخوارزمية والطبيعة
تتصاف الخلايا الصبغية لسمكة الزرد مكونة نقاطا متصلة على هيئة خطوط صفراء وزرقاء بطول الجسم، تقوم الخوارزمية بتقييم مدى ترابط كل خلية صبغية بالخلايا الأخرى، وبالتالي يمكنها معرفة ما إذا كانت الخلايا جزءا من نمط خطي أو نقطي أو أي شيء آخر.
يرى الباحثون أن "الجميل في هذه التقنية هو قدرتها على عد هذه الأنماط الممتدة بطول الأسماك، بدءا من خلية واحدة حتى السمكة بأكملها". وبوجود مثل تلك المقاييس الموضوعية في المتناول، يستطيع الباحثون معرفة الديناميكية التي تتكون بها تلك الأنماط.
سمكة الزرد نموذج أمثل لفهم التغيرات الوراثية (يوريك ألرت)
وعن أهمية معرفة هذه الأنماط يضيف ساندستيد أن هذه الخوارزمية "تسمح لنا بفهم أشياء مثل مدى استقامة أو تجعد الخطوط، ومتوسط ​​المسافة التي تفصل بين خلية وأخرى. وفي حالة وجود النقاط، يمكننا تحديد عدد الخلايا الموجودة في كل نقطة، وهل هي مستديرة أم أكثر استطالة".
ويضيف الباحثون "تسهم هذه الآلية في إحداث رؤية جديدة وجوهرية عن الكيفية التي تتجلى بها الجينات في أشكال الطبيعة المختلفة". إضافة إلى أن هذه الخوارزمية لا يقتصر تطبيقها على أسماك الزرد فحسب، فكما يشرح ساندستيد هي "خوارزمية شاملة مصممة لتحديد الأنماط والأشكال المكونة لأي نظام".

المصدر : الجزيرة