رغم أن فيروس كورونا حصد أرواح 3500 شخص حول العالم، وأصاب أكثر من 105 آلاف آخرين، فإن العراقيين لا يزالون غير مبالين بالفيروس، الذي يستنفر العالم لمواجهته.
ويعزو الناشط في المظاهرات والمعتصم بساحة التحرير ببغداد ومسؤول المفارز الطبية فيها الدكتور علي العصاد سبب عدم المبالاة العراقية بالفيروس إلى الظروف القاهرة التي يكابدونها.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر العصاد أن كثرة المصائب التي مر بها العراق خلال العقود الأخيرة جعلت الموت أمرا طبيعيا في حياة العراقيين، وباتوا يصافحون الموت يوميا، حسب تعبيره.
وأضاف أن العراق فقد مئات الآلاف من أبنائه خلال الحرب العراقية الإيرانية، وخلال حرب الخليج الثانية والغزو الأميركي، وعند محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وصولا إلى قمع المظاهرات الشعبية في العراق ومقتل المئات خلالها، وبالتالي لا يخشى العراقيون الموت.
متظاهر آخر في ساحة التحرير -فضل عدم الكشف عن هويته- تحدث للجزيرة نت عن أن كورونا لم يحصد في أي من دول العالم باستثناء الصين قدر ما حصدته مواجهة المظاهرات الشعبية في العراق، والتي تربو على ستمئة شخص، أغلبهم شباب.
أسباب اجتماعية
تتعدد أسباب عدم اكتراث العراقيين بالمخاطر، إذ يشير أستاذ الإنثروبولوجيا الثقافية في جامعة الموصل (شمالي العراق) الدكتور قصي رياض إلى أن الشخصية العراقية تمتاز بسمات ترتبط بعضها بالأزمات كالحروب والحصار وغيرهما من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
واعتبر أن جميع هذه العوامل جعلت الشخصية العراقية تتعامل مع الأخطار بشكل اعتيادي من دون الدخول في معترك الاهتمام والجدية؛ فالدموية والعصبية القبلية والمدنية غير المنضبطة، فضلا عن الازدواجية النسبية والفكر الديني؛ جعلت العراقي لا يبالي بالأخطار.
ويختم رياض حديثه للجزيرة نت بالإشارة إلى أن العراق خرج لتوه من حرب استمرت ثلاث سنوات ضد تنظيم الدولة حصدت أرواح الآلاف، وبالتالي فإن تحرير المناطق وما رافقه من موت جعل العراقيين يتعايشون مع الموت يوميا من دون أي اكتراث أو مبالاة لفيروس كورونا.
أما الأكاديمي وأستاذ علم النفس الدكتور خالد الحمداني فيقول إن الإحباط المتراكم للعراقيين جعلهم غير مبالين بالفيروس، فضلا عن أن العراقيين وبسبب ما شهدوه ولّد عندهم قناعة بأن لديهم مناعة تجاه مختلف المصائب، وأنهم يعيشون في تحد مستمر مع ما يواجهونه.
ويعتقد الحمداني في حديث للجزيرة نت أن غياب برمجة الاهتمام الحكومي بالجانب الوقائي يسهم في عدم مبالاة العراقيين بخطورة كورونا، لافتا إلى أن كثرة الموت جعل العراقيين غير مبالين بالأخطار.
الإصابات في ارتفاع
يسجل العراق يوميا مزيدا من أعداد المصابين بفيروس كورونا، إذ وحسب وزارة الصحة العراقية فإن مجموع الإصابات المؤكدة في العراق بلغ 56 إصابة، وتوفي أربعة أشخاص، وهناك حالة شفاء واحدة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر للجزيرة نت أن وزارته، ومن خلال خلية الأزمة، أصدرت 17 قرارا بإغلاق الحدود مع إيران والكويت، وإغلاق المقاهي العامة والمتنزهات؛ في خطوة للحد من انتشار الفيروس.
ويتخوف كثير من المراقبين من أنه وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والمظاهرات ومحدودية الإمكانيات الطبية؛ فإن العراق يواجه خطرا متصاعدا من مغبة انتشار وبائي لفيروس كورونا.
المصدر : الجزيرة