ما زال جرحك في الحشا يتعمق
ودماك تنهل يا شآم وتهرق

والآه تجرح في اللهى مغبونة
والعين تذرف بالدموع وتغدق

أبكوا مدامعها وجاروا بالأسى
فغدت بأدمعها تغوص وتغرق

وتجعد الوجه الجميل بلطمهِ
وجراحه صارت به تتفتق

شاخت وشابت في رياحين الصبا
وغدت إلى أمسٍ مضى تتشوق

كانت رياضاًحين يبخل غيثها
وجنان عدنٍ لو بدى يتدفق

أنوارها في كل أرض قد سنت
وشموسها في كل عتم تشرق

البدر ينطر ليلها في لوعةٍ
يرنو إلى أنس به يتعشق

والطير تنتظر الصباح شغوفةً
لتطير فوق ربوعها وتحلق

لتحط فوق الباسقات بأجنحٍ
وعى أراجيح الهوى تتعلق

بين الغصون تبوح أنغام الجوى
فتميس أغصان به وتصفق

إن تعبق الأزهار فاعلم أنها
نفحاتها من نفح جلق تخلق

أو حلت الأسقام يوماً في الدنا
برأت إذا أنسامها تتنشق

أو فاح للبخور فيحٌ عابقٌ
فاعلم بأن جبينها يتعرق

أيام كانت كالعروسِ بدلها
ولحسنها عين الدّنا تتشوق

اليوم أضحت كالوليمة لحمها
بين الوحوش الضاريات يفرق

ياضبيةً سقطت بدون تراحمٍ
وعلى موائدها جثوا وتحلقوا

عقد وطعنات اللئام بصدرها
والطاعنين لصدرها ما أشفقوا

صارت كأطلالٍ على عرصاتها
تلهو الذئاب بجرحها تتخندق

ما ذنبها تدمي الحراب فؤادها
ومخارزٍ تجئ العيون وتخرق

طالت مآسيها وطال عناؤها
فبأي ذنب أو جريرة تحرق

ولمَ بلاد الضاد يهتك سترها
ولم غراب البين فيها ينعق

ألأنها رنت السّموّ بحلمها
وغدت إلى الغد البديع تحملق

من حقها ترنو وتحلم بالسنا
وإلى بلوغ الأمنيات تحدق

أم في بلاد الضاد من يرنو العلا
أعناقه تلوى وحلمه يخنق

فلتعذروني حين تنهل أعيني
ولتعذلوني حين قلبي يخفق

لا تحسبوا دمعي لمنصب قد نأى
وعليه صدري والفؤاد يمزق

أنا ابن تلك الأرض ظل تعيشي
من كسب كدي دائما أترزقُ

إن فاضت الأحداق ليس لمنةٍ
أو ضج قلبي في الغياب تصدقُ

الدمع أدنى ما أجود ببذله
والآه أبخل ما أبوح وأنطق

من ذا يُعيد إلى الشآم بهاؤها
من ذا يضمد جرحها ويرتق

الله نسأل أن يفك كروبها
وتعود أم الياسمين وتورق

يكلئ بلاد المسلمين بحفظه
وجميع ما تصبو له يتحقق








كلمات الشاعر ابو جعفر الشلهوب