بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم والعن عدوهم
( متى دخلت بدعة تقليد الفقهاء )
يزعم فقهاء الاجتهاد المتأخرين ان الفقيه " مرجع التقليد " في عصر الغيبة منصوص على اتباعه وتقليده من قبل اهل البيت عليهم السلام ’ وزاد بعضهم قائلاً ( ان الفقيه له ما للامام , وهو نائبه وممثله في غيبته ) .
ولم يثبت اصحاب هذه العقيدة ما يزعمونه بدليل من الثقلين يؤيد صدق كلامهم , بل ان الحقيقة " كما ستتضح بعد قليل " انهم يكذبون على مقلديهم بأضافة قدسية وشرعية زائفة على هذه البدعة الفتاكة التي مسخت المذهب الحق وابدلتهه بغيره لاجل تحسين صورتها المشوهة ,
والعجيب في الامر , لم يكلف احداً نفسه من الذين قلدوهم دينهم بمطالبة مرجعه الذي يقلده بدليل من الثقلين يؤيد صحة مزاعمه , لكي يكون معذور في تقليدهم ان سأله الله يوم القيامة عن سبب تقليده اناس غير معصومين ,
بل تلقا المقلدة هذه البدعة برحابة صدر ودون تفحص , وكان العامل المساعد لتقبل هذه البدعة , مجيئها عن طريق الاباء والاجداء , فالموروث الابائي خدر عقولهم حتى بدت عندهم هذه البدعة من المسلمات والبديهيات الطبيعية...
وهناك اسباب اخرى اثبتت هذه البدعة في الكيان الشيعي وأظهرتها على انها من العقائد الحقة .......
منها جهل الناس بتراث ال محمد عليهم السلام المدون في الكتب الحديثة .
والا لو كان القائلين بهذه البدعة ياخذون معالم دينهم من محمد واله الاطهار عليهم السلام , لما خدعوا بهذه السهولة ولما استقبلوا البدعة برحابة صدر وبتسليم مطلق , لان الائمة عليهم السلام حذروا شيعتهم في روايات كثيرة من تقليد الفقهاء , لكن جهل الناس بمعالم الدين اوردهم هذه الموارد المهلكة , وبالتالي انطلت عليهم حيلة التقليد لاناس متذبذبين لا الى هؤلاء ولا الى اولائك ,
فهم كما يعترفون بانفسهم ( اقصد المراجع اهل الاجتهاد ) في كتاباتهم { نحن نخطأ او نصيب فلا يهمنا ان دخلنا في الباطل او خرجنا منه فنحن الى خير ؟؟؟ لان المجتهد اذا اخطأ له حسنة وان اصاب له حسنتان } .
وبهذه القاعدة الاجنبيى عن الاسلام الحقيقي والتي تم استيرادها من فسقة فقهاء العامة , البسوا على الناس امرهم وخلطوا الحق بالباطل لاجل اضافة ما يتصورونه شرعية على هذه البدعة وغيرها من البدع التي نشأت في احضان الحوزة .
وهذه القاعدة ( للمجتهد اذ اصاب حسنتين واذا اخطأ حسنة ) اخترعها اعداء امير المؤمنين عليه السلام حين نزعوا سلطانه وسرقوا ميراثه , ولاجل التغطية على فواحشهم ومثالبهم اخترعوها , فما من جريمة اقترفت بحق الحق وبحق الائمة (ع) الا وكانت هذه القاعدة الشيطانية المبرر الوحيد لهذه الجرائم ,
فبعد تثبيتها في عقول المسلمين جبراً , من انها وردت عن رسول الله (ص) كذباً . قاتلت عائشة هي وطلحة والزبير امير المؤمنين (ع)
وجريمة قتال امير المؤمنين عليه السلام ومعاداته امر مهلك , وقد نهى الله ورسوله عنه في كثير من المواقف ,
لكن بفضل هذه القاعدة المخترعة تم شرعنة كل جرائم هؤلاء بحق الائمة عليهم السلام , ودافع فقهاء العامة عن هذه الجرائم وفاعليها بهذه القاعدة فقالوا { انهم اخطأوا فلهم حسنة واحدة } وبعد ذلك قاتل معاوية الامام علي عليه السلام فقالوا { انه مجتهد فأخطا بقتاله الامام علي (ع) , فعليه انه مجتهد وله حسنة واحدة } وقتل الامام الحسين عليه السلام , وقال فقهاء المخالفين الخونة { ان يزيد مجتهد فأخطأ فله حسنة }
وهكذا . فكل جريمة تفعل بيد المجرمين يتم تبريرها بهذه القاعدة الشيطانية التي لم يخترع الشيطان افضل منها على الاطلاق ,
والاخوة فقهاء الحوزة استحسنوا هذه القاعدة واستوردوها من الاخوة المخالفين , وكأن فقهاء الحوزة بأستيرادهم هذه القاعدة قد غفلوا عن عظمة جريمة ادخال بدع بدين الله سبحانه ,
والعجيب بالامر ان الفقهاء يعرفون جيداً ان صاحب البدعة لا يقبل الله من توبة ابداً
روى ثقة الاسلام في جامعه الكافي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال { كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار }
وروى فيه أيضا ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال : { إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، يتولى فيها رجال رجالا }
وفيه أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : { إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله }
وفيه أيضا : { من أتى ذا بدعة فعظمه ، فإنما يسعى في هدم الاسلام }
وفيه أيضا ، عنه ( ص ) : { إذا رأيتم أهل البدع والريب من بعدي فأظهروا البراءة منهم }
الحديث وفيه أيضا ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم : { أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة قيل : يا رسول الله ، وكيف ذلك ؟ قال : أنه قد أسرب قلبه من حبها }
وفيه أيضا : أنه قيل للكاظم عليه السلام : { بما أوخذ الله ؟ قال : لا تكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر }
وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال { من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرضا وملائكة العذاب فيلحقه وزره ووزر من يعلم بفتياه }
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :{ من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم ( وقد قال الله تعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون )
فأين هؤلاء الفقهاء من هذه الروايات الشريفة التي تجرم من يبتدع بدين الله سبحانه ,او يفتي بالظن والراي الشخصي .
هل هو جهل بما اراد الله وما اراد الائمة (ع) , ام انهم يعرفون لكنهم (كما فعل فقهاء المخالفين) اشربوا في قلوبهم حب البدع ,
{ تفنيد مزاعم الفقهاء من ان التقليد امر به الشرع }
نأتي الى زعمهم من ان الفقيه حجة الامام على الناس في زمن الغيبة , فنقول : اي فكرة او طرح لا يستند الى الثقلين فهو باطل لدلالة قول الإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه: { كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل }
وقوله { من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال }
وقال (ع) : { من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن }
فأذا جاء احداً ما بفكرة او اطروحة , يجب عليه ان يثبتها من الثقلين لا غير , فلا ينفع دليل غير دليل الثقلين , حتى دليل العقول القاصرة لا ينفع اذا عارض قول الله وقول الائمة عليهم السلام ,
والواجب علينا كمكلفين ان نقول لمن يبتدع شيء جديد في الدين لم يكن موجود من قبل ,... ( هل هذه الامر الجديد امر به الله في كتابه او امر به الائمة عليهم السلام في احاديثهم ) .
فأن اقام شاهد على قوله من الثقلين سمعاً وطاعة , اما اذا لم يطرح شاهد , فتضرب الفكرة وصاحبها عرض الجدار, وان كان فقيه فلا يأبه به وبقوله .
وقضية التقليد لغير المعصوم فكرة مستحدثة لم تكن موجودة لا في زمان النبي (ص) ولا في زمان الائمة عليهم السلام ولا في زمان السفراء الاربعة ’ ولا حتى قبل مائة عام ’ فقضية تقليد الفقيه لم يعرفها الشيعة قبل مئة عام .
ولم يتم التطرق لها في الكتب , ولم يعرفها الناس انذاك , بل ظهرت هذه الكلمة وما تعنيه بعد قرون تلت الغيبة وادخلت لاول مرة في كتاب فقهي في عهد كاظم اليزدي المتوفي سنة 1919 ميلادي في كتابه الفقهي العروة الوثقى. وكان من قبل يتدارس فيها فقط كبحث لا غير , والدليل قول الدكتور عبد الهادي الفضلي :عن عمر هذه البدعة ومتى ادخلت للتشيع قائلاً : { إن موضوع التقليد، بدءا بحثا أصوليا، وفي عهد متأخر، يسبق عصرنا هذا مباشرة أو بقليل، تحول بحثا فقهيا. وأخال أن هذا التحول كان من السيد اليزدي في رسالته العلمية الموسومة بـ العروة الوثقى } .
دراسة فقهية لظاهرة الاجتهاد والتقليد .
فالتقليد للفقيه امر مستحدث ولم يكن الشيعة يقلدون في دينهم قبل المائة عام , بل كانوا في زمن المعصومين عليهم السلام يأخذون معالم دينهم منهم {ع} , اما في زمن الغيبة فكان الشيعة ياخذون بروايات ال محمد (ع) ولم يقلدوا احداً من الفقهاء ,
فالاحاديث التي تحرم التقليد كانت مشهورة ومعروفة عند الشيعة انذاك , والشيخ الطوسي اشار الى هذا الامر بكل وضوح قائلاً : { فاني وجدتها ( اي الشيعة ) مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشئ لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا ؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف ، أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الامر في ذلك وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده من الأئمة عليهم السلام ومن زمن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته } .
عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج 1 - ص 126 - 127
الخلاصة ان الفقهاء قبل مائة عام كانوا لا ينادون بعقيدة التقليد للفقيه , بل التقليد للمعصوم فقط لا غير , ولم يدعي قبل هذه المدة احد من ( ان عمل العامي دون تقليد باطل ) بل كان الناس لا يأخذون معالم دينهم الا من كتب الحديث (الكافي او التهذيب او الاستبصار او غيرها من الكتب الحاوية على روايات الائمة عليهم السلام ) .
واطلاق الشيخ الصدوق على كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) اراد الاشارة الا ان احاديث ال محمد (ع) هي المرجع للشيعة في زمن الغيبة ,
والفقهاء الاوائل كانوا يعرضون في مصنفاتهم روايات كثيرة عن ال محمد عليهم السلام تحرم التقليد للفقهاء بأي حجة او عذر ...
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : { إياكم والتقليد ، فإنه من قلد في دينه هلك إن الله تعالى يقول :اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فقلدوهم في ذلك، فعبدوهم وهم لا يشعرون } . ( الشيخ المفيد كتاب تصحيح اعتقادات الامامية )
الامام (ع) قرن الهلاك ( اي دخول النار ) بمن يقلد الفقهاء في دينه , وهذا التحذير الخطير من الامام الصادق (ع) للشيعة بعدم التقليد , ما جعل الفقهاء الى ما قبل مائة عام يحرمون التقليد كما جاء عن الحر العاملي والطوسي والمفيد وغيرهم
وجاء عن الصادق عليه السلام انه قال { من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ، ومن أخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل }
وقال عليه السلام { إياكم والتقليد ، فإنه من قلد في دينه هلك إن الله تعالى يقول ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم - حلالا ، فقلدوهم في ذلك ، فعبدوهم وهم لا يشعرون }
وقال - عليه السلام { من أجاب ناطقا فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان } وعلق الشيخ المفيد على الحقائق الواضحة في كلام الائمة عليهم السلام قائلاً { ولو كان التقليد صحيحا والنظر باطلا لم يكن التقليد لطائفه أولى من التقليد لأخرى ، وكان كل ضال بالتقليد معذورا وكل مقلد لمبدع غير موزور وهذا ما لا يقوله أحد ، فعلم بما ذكرناه أن النظر هو الحق والمناظرة بالحق صحيحة } تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - ص 72 - 73
و قال الحر العاملي في الفصول المهمة في عقد باب سماه ( عدم جواز التقليد في شيء من الاعتقادات وأخـذها من غير النـبي ( صلى الله عليه وآله والأئمة الْهداة ـ عليهم أفضل الصلوات ) إنه إذا كان مأخوذ عنهم جاز في الاعتقادات .
وجاء عن الشيخ المفيد في تصحيح اعتقادات الإمامية : ص74 حيث قال : { ولا يصح النهي عن النظر ؛ لأن في العدول عنه المصير إلى التقليد ، والتقليد مذموم باتفاق العلماء ونص القرآن والسنة ... ولو كان التقليد صحيحاً والنظر باطلاً لم يكن التقليد لطائفة أولى من أخرى }
وقال ايضاً
{ ولو كان التقليد صحيحا والنظر باطلا لم يكن التقليد لطائفه أولى من التقليد لأخرى ، وكان كل ضال بالتقليد معذورا ، وكل مقلد لمبدع غير موزور ، وهذا ما لا يقوله أحد ، فعلم بما ذكرناه أن النظر هو الحق} . تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - ص 72 – 73].
ولكن بعد ان جاء الفقهاء المتأخرين وعرفوا من الذين سبقوهم ان التقليد للفقيه باطل ومحرم , ونص الائمة على بطلانه , اعترفوا في كتبهم من ان لا وجود لاي دليل من القران ولا من السنة الشريفة على وجوب التقليد , اي ان الله سبحانه لم يأمر عباده بتقليد الفقهاء ولا امر به محمد والائمة من ولده (ع) شيعتهم .
وهذه اعترافهم ادناه من ان التقليد بدعة لا تستند الى الثقلين , :
قال الخوئي ما نصه { ثم إن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية اللهم إلا في النذر وذلك لعدم وروده في شئ من الروايات نعم ورد في رواية الاحتجاج فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه إلا أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد }
كتاب الاجتهاد والتقليد السيد الخوئي شرح ص 81
{ السيد الخميني يعترف بعدم وجود نقلي على عقيدة التقليد }
وقال السيد الخميني { المعروف أن عمدة دليل وجوب التقليد هو ارتكاز العقلاء } كتاب الاجتهاد والتقليد : ص 63
ويقول أيضًا: { أما دليل وجوب اتباع المجتهد فلأنه ليس إلا بناء العقلاء الممضى، كما يظهر للناظر في الأدلة، وإنما يعمل العقلاء على رأيه لإلغاء احتمال الخلاف } كتاب الاجتهاد والتقليد : ص 14
وقال الشيخ محمد مهدي شمس الدين : { أن مصطلح التقليد ومصطلح مرجعية . هذان المصطلحان وما يرادفهما ويناسبهما غير موجودين في أي نص شرعي وإنما هما مستحدثان وليس لهما أساس ومن حيث كونهما تعبيران يدلان على مؤسسة هي مؤسسة التقليد ومرجعية هي مرجعية التقليد ليس لهما في الأخبار والاثار فضلاً عن الكتاب الكريم لا عينا ولا أثر كل ما موجود بالنسبة لمادة قلد موجود في خبر ضعيف لا قيمة له من الناحية الإستنباطية إطلاقاً وهو المرسل الشهير عن أبي الحسن عن أبي محمد العسكري (ع) ومتداولة على ألسنة الناس : ( من كان من الفقهاء صائنا لنفسه مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه فللعوام أن يقلدوه ) الفقيه لا يتمتع بأية قداسة على الإطلاق وليس مؤهلا لأن يكون متبوعاً على الإطلاق ولذلك مفهوم التقليد مفهوم دخيل أنا أعتبره مفهوماً دخيلاً } .
وقال محمد تقي الحكيم : { ولكن النزاع إنما يكون له ثمرة لو كان للفظ التقليد موضع من لسان الأدلة ليقال بأن المراد منه أي شيء هو ولكن هذا اللفظ لم يرد - فيما يقال - إلاّ في رواية ضعيفة لا تصلح لأن تكون مستنداً لحكم شرعي } .
والمقصود بالرواية الضعيفة التي جاءت في التفسير العسكري ع
ويقول السيد محمد سعيد الحكيم بعد ذكره لروايات التي عرضها للدلالة على مشروعية التقليد: (مضافا إلى الاشكال في الجميع بضعف السند ، خصوصا الأخيرين،...) (مصباح المنهاج، التقليد:شرح ص13).
ومعنى كلام هؤلاء المراجع ان الله وحججه لم يأمروا الشيعة بالتقليد ’ بل على العكس جاء النهي عن تقليد الفقهاء كما مر علينا اعلاه , لكن الفقهاء ارادوا الاحتيال على نهي الله والائمة علن التقليد فقالوا بعد ان عجزوا عن وجود دليل من الثقلين ( نظن ان التقليد ينفع في غياب المعصوم وهذا استحسان عقولنا ) وهذا الكلام الصادر منهم اخوتي المؤمنين باطل لانه معارض لكلام الله سبحانه ومعارض لكلام الابرار من ال محمد عليهم السلام ...
يكون واضح ان هؤلاء الفقهاء قد ارتكبوا جرم عظيم لا يغتفر , فهم قد ابتدعوا في الدين ما ليس فيه وهم معترفون بهذه البدع .
أكد أهل البيت (ع) على أمر مهم جداً في احاديثهم .
وهذا الامر ينهي النزاع حول حرمة تقليد غير المعصوم (ع) , فقد وضع أمير المؤمنين (ع) علامة مائزة وفاصلة فيمن يجب تقليده واتباعه , فأن توفرت هذه الخاصية بالشخص الذي يتصدى للقيادة وجب تقليده وصح ادعائه بوجوب اتباعه . . . وهذه الخاصية هي العصمة الالهية .
فقد أكد الامام علي (ع) على ان العصمة توجب التقليد . فمن عصمه الله وجب تقليده وطاعته ’ ومن لم يكن معصوم فلا طاعة له ولا يجب تقليده . بل هو مكلف بالتقليد والطاعة للمعصوم حاله حال بقية الناس ...
الصدوق، حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عمران بن اُذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) يقول: { احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك فقلت: ياأمير المؤمنين وأيهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفته الأحاديث كلما أحدثت اُحدوثة كذب مدَّها بأطول منها، ورجلا آتاه الله عزّوجلّ سلطاناً فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبه لمعصية الله فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر، وإنما أمر الله بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر، لا يأمر بمعصيته، وإنما أمر بطاعة اُولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته } .
وحسب كلام امير المؤمنين (ع) يبطل التقليد للفقهاء جملة وتفصيلا , لانهم غير معصومين , عكس حال محمد واله عليهم السلام المعصومين .
أمر أخر مهم جداً :
ان التصدي للدين امر الالهي خطير من جهة , ومقدس من جهة اخرى , ولا يستحق احد ان يقوم بأعباء الدين الا رجل الالهي يختاره الله سبحانه . وهو ( النبي والوصي ) ودون هذان الرجلان لا يفلح اي احد بالتصدي من تلقاء نفسه لحمل هذه الامانة .
قال أمير المؤمنين (ع) : { يا كميل لو لم يظهر نبي وكان في الارض مؤمن تقي لكان في دعاءه الى الله مخطئاً او مصيباً , بل والله مخطئاً حتى ينصبه الله لذلك ويؤهله له , يا كميل الدين لله , فلا يتقبل الله من احد القيام به الا رسولاً او نبياً او وصياً , يا كميل هي نبوة ورسالة وامامة , وليس بعد ذلك الا موالين متبعين , او عامهين مبتدعين , انما يتقبل الله من المتقين } .
فقد حمل الاحبار والارهبان هذه الامانة فخربوا الدين والدنيا واهلكوا الحرث والنسل وافسدوا الارض بعد اصلاحها .
ثم حمل هذا الامر الخلفاء الغاصبين بعد استشهاد رسول الله (ص) حين نحوا الرجل الالهي (امير المؤمنين و ولده عليهم السلام ) وتصدوا للامر من عند انفسهم ودون امر من السماء . فحدث الخراب والفساد والظلم والجور ...
وحدث الامر نفسه بعد ان تم تغييب الامام المهدي (ع) قسراً . فقد تصدى فقهاء الحوزة للامر . فلم يزد تصديهم الوضع الا فساداً والارض الا ظلماً وجوراً , والمتشيعة الا تفرقاً وتحزباً وذلاً وهواناً بين الامم والاقوام .
فصار الدين اتفه بضاعة عند الناس حتى قال رسول الله (ص) : { سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، المساجد عامرة وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود } .
فبعد تغييب الامام أضمحل الاسلام . واقتران الفقهاء بذهاب الاسلام يؤكد على انهم هم سبب ذهاب الاسلام . فأين حفاضهم على الاسلام ؟؟؟؟
هم من هدم الاسلام هدماً كما قال الشاهد على جرائمهم المولى الاستر ابادي : { وقع تخريب الدين مرتين مرة يوم توفي النبي ?صلى الله عليه وآله? ومرة يوم أجريت القواعد الأصولية والاصطلاحات التي ذكرتها العامة في الكتب الأصولية وفي كتب دراية الحديث في أحكامنا وأحاديثنا . وناهيك أيها اللبيب ؟ أن هذه الجماعة يقولون بجواز الاختلاف في الفتاوى من غير ابتناء أحدها على ضرورة التقية ، ويقولون : قول الميت كالميت ، مع أنه تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار ?عليهم السلام? بأن حلال محمد ?صلى الله عليه وآله ? حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ولا اختلاف فيهما أبدا } الفوائد المدنية والشواهد المكية - محمد أمين الإسترآبادي - 369
والقائم (ع) وحده من يرجع الاسلام ويحيي معالم الدين ’ ويحيي كتاب الله سبحانه , ويملأ الارض قسطاً وعدلا بعد ان يملأها من يدعي الاصلاح ظلماً وجوراً ...
قال الإمام الصادق عليه السلام { فلو قد قام قائمنا عجل الله فرجه و تكلم بتكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن و شرائع الدين و الأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد ص على سبعة أحرف لأنكر أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكارا شديدا ثم لم تستقيموا على دين الله و طريقته إلا من تحت حد السيف فوق رقابكم إن الناس بعد نبي الله ص ركب الله به سنة من كان قبلكم فغيروا و بدلوا و حرفوا و زادوا في دين الله و نقصوا منه فما من شيء عليه الناس اليوم إلا و هو محرف عما نزل به الوحي من عند الله فأجب يرحمك الله من حيث تدعى إلى حيث ترعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استئنافا } بحار الأنوار 2/246