.
لأفترض أن الحياة غرفة معدنية صدئة
وأتعامل بناءً على هذا الافتراض
فأقول: الحياة. آه أعرفها جيدًا؛
الغرفة المعدنية الصدئة
حوائطها بنية بلا شبابيك ولا أبواب
ورائحتها هي الرائحة المُميِزة للصدأ
.
سأفترض أن كل واحد منا يعيش عاريًا في تلك الغرفة
عاريًا من كل شيء؛
ليس في تلك الغرفة كرسي خشبي للجلوس
الخشب لا يحب المعادن
الخشب هو أحد الكائنات التي تعتز بنفسها كثيرا
ولن تقبل الوجود في محيط صدئ ذي رائحة مزعجة
.
لن يوجد حوض للاستحمام ولا لغسل الأيدي
ليس ثمَّ ماء أصلاً
خزف الأحواض، وهو أحد الكائنات الهشة، سيرفض الوجود في محيط أقوى منه
سيشعر أنه مهدد على الدوام
ما سيؤثر على نفسيته التي ليست زجاجية وإن بدت كذلك
.
الماء، وهو واحد من أذكى الكائنات، يعرف أن وجوده هنا سيزيد الأمر سوءًا
فهو الذي يحول الحديد البادئ في الصدأ إلى حديد صدئ تمامًا
الهواء لن يجد مكانا للدخول
الزوايا ملحومة جيدًا
.
ربما لن تجد الكتب صعوبة في البقاء
ملقاة هنا وهناك
سيتحول جلدها إلى البني بعد فترة
الكتب
،واحدة من كائنات قليلة في العالم،
لا تشعر بشيء
.
دعوني لا أفترض أن الحياة غرفة معدنية صدئة
وأنها غرفة زجاجية مربعة
شفافة ترى البحر من أربع زوايا
وأن البحر أزرق
وكذلك السماء
وأن هناك كنبة برتقالية مريحة
وأخرى مريحة كذلك وبرتقالية
وحوض استحمام، وآخر أصغر حجما، لغسل الأيدي
وماء سيّال
ورائحة الصندل وأوانٍ للزهور
فيها زهور بالفعل
وأن عاشقًا حقيقيًا
من هؤلاء الذين يجلسون لتأمل حبيباتهم
يجلس على كنبة برتقالية
متأملا حبيبته الحلوة
التي تفضل أن تنام عارية
على الكنبة البرتقالية الأخرى
وهي تعلم أن الغرفة شفافة
وأن بشرا عابرين سيقفون طول الليل لمراقبتها
لكنها لا تكترث ولا هو أيضًا
سيبدو هذا التصور خياليًا وغير قابل للتصديق طبعًا
.
لذا سأتوقف عن الافتراض مؤقتًا
وأخلد إلى النوم
حيث ليس إلا أحد أمرين؛ الصمت أو الكوابيس .
منقوول