.
فأرٌ يقرضُ فُرصَه المؤجلةَ ..
……
ماذا سيقول ملاكٌ خرج بمفرده من الجنة ، وأوقفته حاملةُ جنودٍ عند معبر ، ولم يعثروا له على اسم فى كشوف اللاجئين !
بحثوا مجددا فى أرشيف القتلى..
ليس له اسمٌ
الملاكُ
سقط سهوا من القبر الجماعى،
ولذا سيكون عليه المبيتُ ليلا فى الشوارع الخلفية،
واضعا أجنحتَه مقصوصةَ الريشِ كمخدةٍ
عليه أن يصير قطة خرساء تلعق إطارات السيارات ،المركونةِ طويلا تحت أنقاض المدن المهشمة ..
دون أن يصدر مواءً
من جروحه النيئة ،التى خرجت منها أظافرُ مهزومة،
لا تستطيع ان تخدش الهواءَ الميتَ ..
الذى يسكن ذلك العالم الأرضى !
*****
كانت السماءُ بابا خشبيا مهترئا
أعرف ذلك لأننى كنجار عجوز ، أمر كل ليلة من هنا،
من تحت عتبته المتآكلة كفأرٍ ماكر!
…..
لا أعلم اسمَ من يحرس البابَ الخشبىَّ، الذى يتغذى على الغابات المجتثةِ رؤوسُها كجنود عزلٍ..
البابُ الذى لا يحمل نافذة فى المنتصف لتعبر أشلاءُ الصلوات
التى يرسلها الأمواتُ كاستغاثةٍ إلى الضفة الأخرى..
…..
كلَّ ليلة أعبُرُ وأنا أقرض عظمةً قديمة منسيةً ،
كفأرٍ فقيرٍ ..
…..
حين مِتُّ كفأرٍ عجوز ، لم يعد يستطع قرضَ المزيد من الفرص المؤجلة للهرب
وجدونى متكوما أمام منزل عتيق
لعائلةٍ تركت كلَّ ميراثها للغبار
هكذا فقط ..
لم يكن هناك بابٌ خشبىٌّ
كان فقط
حلما
لفأر عجوز أن يجد بابا خشبيا بلا حارس
للعبور إلى سماء أخرى !
*****
هنا سوقٌ للحمِ النسائىِّ الرخيص ..
يبحث الرجالُ عن مؤنٍ للبقاء أحياءً فى ظل حرب باردة،
يقفون فى طوابير طويلة
من أجل الاحتفاظ بأردافِ نساءٍ سمينات،
تصلح لخلق سمكٍ انسيابى للذةِ فى ظل خواء معتم..
ومنهم من يأخذ أثداءً متكورةً كالقنابل، لحشو وسائدهم القديمة..
والنوم بلا شعور بالعجز الجنسى !
.
هنا اللحم ضرورى للشعور بأن ثمة حياة سابقة هنا
كانت دافئة لنساءٍ
يهدين الحبَّ مجانا للعابرين!
…
متى تنهى المجاعة ؟!
متى تنتهى الحرب التى لم تأتنى بعد !
متى نعود بشرا مرة أخرى بلا احتياج لفكرة عتيقة عن النساء
كى تظل الحياة مبررة بكل هذه القسوة !
….
فى الحياة القديمة كنا نقدس النساءَ كزوجات يكنسن البيتَ من التعب اليومى
ويضعن فى شعرهن المدهون بالليل كل نفط العالم المشتعل ،ودخان الثورات وعواء القتلى ..
كانت النساءُ الجميلات بسمرتهن الصافية كزبَدٍ من بحر لجىٍّ
أفخاذهن سامقة كأشجارٍ استوائيةٍ
وكنا نعلق على سرتهن خيباتِنا ،ونحن نعود الى البيت بلا سمكٍ للعشاء.
…
هل يحتاج العالم لكل هذه الجدوى !
ما الحاجة لإمرأةٍ لا تستطيع أن تغوىَ دبابةً ، وتقصف بعريها الكحلىِّ ناقلاتِ الجنود ،
وتكتب بدمها الشهوى كلَ حروبنا المتخيلة، داخل أكواخ من الطين،
حين ننام على جروحنا..
لذلك
نحن الآن نعيش كرجالٍ فقط،
نخزن لحمَ النساء
ولا نحتاج مبررا للعالم
سوى أن ينتهى
كحربٍ،
تجول فى الشوارع..
كساعة مجنونة؛
تقرض عقاربُها ذيلَ نفسها!
منقوول