.
الأرملة التي تجري على ثلاثة أيتام وجروٍ صغير
…
كيف تلقّن حكمة العصافير للغربان ؟
وَسْطَ غُرفةٍ من طينٍ فقيرٍ كأنما قُدَّ مِنْهُ جسدي
هذه الأرملة التي تجري على ثلاثة أيتام وجروٍ صغير
ثوبٌ واحدٌ فقط هو كل ما تملك
مكحلةً وقنديلا شحيحًا زيتُه
وطرحةً سمراءَ تشبه حزن كاتدرائية ماتت أجراسها
وغربةَ القلاع التي عفا عليها الزمان
ومَن أخبركَ / سوى النهدِ الذي ظل أربعين شتاءً يبيتُ كضفّةٍ مهجورةٍ
لا أهْلَ له سوى دمعةِ النار في الموقد
وشهقةِ اللهب المجروح لمناجاة الحنين تحت قميصها
هذه الأرملة التي تعمل نهارا , وتحرس أولادها ليلا
أطفالها أبرياء ولا يعرفونني
يأكلون الخبز بالملح ويطعمون دجاج السطوح ضحكاتهم الصغيرة
فقط جروها الذي ينبح ملاطفا كلما مررت أمام بيتها
ربما لأنه يشبه قلبي
ليس عجيبا أن يشبه قلبك جروا صغيرا
يسكن بيتَ أرملةٍ طيبةٍ
يحبها ويحب أطفالها اليتامى
تحنو عليه بنظراتها..عميقةِ الحزن..عميقةِ الونس..عميقةِ الترحال
رأيتُ ملائكةً تطرق باب بيتها ليلا
رأيت جدارا يتكلم مع حذائها على العتبة
رأيت أفاعي تتسلق سطحها الخشبي تضع بيضها بين الشقوق
فيفقس يماما
وأنا يا قلبي ..أحاول منذ زمن
قدره أربعون هزيمة..وألف ليلة..وأحلامٌ من حطب
أن أكون النارَ الساهرةَ أمام وجهها الرسولي المهاجر
لحزن الجميز المطرود على أطراف بلدتنا
لرائحة قمح البيادر رزق العصافير
لشجنها المنتصب فردا / كطاحونة قديمة
أن أكون المرآةَ والدمعةَ والجدارَ
وهجَ وجنتها الحنون كوصية مَلِكَةٍ تُساقُ إلى المنفى
الأبَ البديلَ لثلاثة يتامى لا حزنَ ولا مساكنَ ولا تلاوةَ
أجلُّ من وقع أقدامهم الحافية في بلادي
الأرملةُ العارية كشجرة وظِلُ روحي
هذه زفرة المتوفى تحت أنقاض كلماته
لشيب الفوانيس القديمة بين القباء
والحلم الذي ينقر اللحم على سِلْكٍ شائكٍ
العالم قنبلةٌ مؤجّلةٌ لإنجاز وردةٍ على كفن
لغمٌ يسكن وحدةَ الصلصال الذي لا يكون بَشَرا
موسيقى خالدةٌ لجسدِ أرملةٍ يهرب في وجع ريحانة ٍ
رحّالٍ كسرب حَمَامٍ يهجر بُرجا ..
هذه ليلةُ شتاءِ ممطرةٌ
وهذا نُباح جروٍ صغير
وحدها النار تسهر في حيّنا
ولا حريق
سوى خشب الروح
منقوول