قصة من عالم البرزخ
رحلة البقاء
الجزء الثامن والعشرون والاخير
اقبل علينا شخص يبدو من شكله انه ليس من الخدم والجواري، وتظهر عليه ابتسامات لطيفة، استأذن منا وبادرنا بالسلام وقال:
ــ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.
أجبناه معا وبصوت واحد:
ــ وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
سألته من يكون، فقال:
ــ أنا السرور الذي أدخلته في قلوب المؤمنين..
قاطعته مسرورا:
ــ نعم نعم، أخبرني عملي الصالح أني سألاقيك، وان لديك مفاجئات سارة قد أعددتها لي.
ــ صحيح ما أخبرك به.
ــ وأين مفاجأتك؟
أشار إلى سناء وقال:
ــ زوجة من الخيرات الحسان ألم تدخل السرور في قلبك؟
ــ كيف لا، بل غمرتني فرحة وسرورا لا حدود لهما، ولكن اخبرني ما دورك بذلك الأمر؟
قال:
ــ كنت أنا الوسيط بينكما، وقد سعيت بهذا الأمر منذ نجاتك وخلاصك من تبعات ملكاتك وأعمالك السيئة.
توقف قليلا ثم ابتسم وقال:
ــ ولدي أمر آخر يسرك كثيرا؟
ــ قل لي بالله عليك ما هذا الأمر الذي
يسرني كثيرا؟
ــ سوف يزورك في قصرك بعد ثلاثة أيام شخص عزيز عليك، قد كان لك في الدنيا سندا وهاديا، وهو الآن في مقامات عالية أعظم من مقامك الذي أنت فيه، فهو يتمكن من زيارتك بينما أنت لا تستطيع ذلك إلا للأشخاص الذين هم أدنى منك.
غمرتني فرحة كبيرة بسماع هذا الخبر خالطتها حيرة في من سيكون هذا الزائر !طلبت من سرور أن يخبرني باسمه فأبى إلا أن يجعلها مفاجأة لي في يوم اللقاء مما زاد الطين بلة والحيرة حيرة.
سالت سرور:
ــ كيف تمكنت من تهيئة هذا الأمر كله؟
ــ ان خدمتك لضيوفك في الدنيا وسعيك لتوفير كل الراحة لهم بما يسرهم ويزيل عنهم أتعاب السفر وعناء الطريق كانت خالصة لله، وقد تجسم عملك هذا بهيئة قوة مكنتني من هذا الأمر.
مضت ثلاثة أيام وجاء اليوم الموعود. كان كل من في القصر متهيئة لساعة اللقاء ومتشوقا لرؤية الضيوف الكرام، ويبدو على سكان القصر نشاط دؤوب وحركة كبرى بعدما عرف كل منهم دوره وواجبه، وترى الواحد منهم يبشر الآخر ويحثه على العمل، فقلت في نفسي عجبا ! يبدو أن الجواري والخدم فرحون اكثر منا بقدوم الزائر، أما وصيفات سناء فقد اجتمعن حولها فالبسنها أنواعا جديدة بديعة من الحلي والأساور وملابس جذابة بألوان براقة، فزادها جمالا وكمالا فوق جمالها وكمالها.
اقترب الموعد وبلغ التهيؤ لاستقبال الزائر ذروته وحان اللقاء، نعم إنها علامات تدل على قدومه، فها هي جنتي تزداد نورا فوق نورها، وها هي الطيور زادت من تغاريدها، والورود من ألوانها وروائحها، والأشجار من ثمارها...
اقبل الزائر والنور يسعى بين يديه، والبسمة على شفتيه، والملائكة تحفه يمينا وشمالا، عانقني وضمني إلى صدره وقال:
ــ هل وجدت ما وعدك ربك حقا ياسعيد؟
أجبته ودموعي جارية لفرحة لقائه:
ــ نعم وجدت ما وعدني ربي حقا وزيادة يامؤمن.
اجل انه صديقي مؤمن الذي كنت أتمنى رؤيته، وأتخيل ابتسامته، وطالما تذكرت نصائحه لي في الدنيا والتي كلما رأيت آثارها في الآخرة ازددت شوقا إليه ورغبة في لقائه.
علم أني قد عرفته فضمني إلى صدره مرة أخرى وقال:
ــ يبدو انك ما زلت تذكرني يا سعيد.
قلت له:
ــ كيف أنساك يا مؤمن وقد تربيت على يديك، فكنت تسهر الليالي من أجلي، وتتحمل العناء في تعليمي مفاهيم ديني وأحكام إسلامي. أنت الذي وضعت وردة الإسلام في يدي وسقيتها حتى نمت وترعرعت ودخلت في قلبي، فأصبحت جزءا لا ينفصل من حياتي. أنت يا مؤمن کنت نورا استضيء به في ظلمات الدنيا وشبهاتها، واستعين به من الزلق والمتاهات، كنت اقتبس منك نورا في عالم الفناء فكيف يزول عن قلبي شوق لقائك في عالم البقاء...
الى هنا انتهت قصة سعيد في عالم البرزخ
ونسال الله تعالى ان نكون ممن سمع واتعظ.. وان يرزقنا واياكم بحسن العاقبة
من سأل عنها هل هي حقيقية ام لا.. ؟
الجواب: لا بل انها قصة استنبطت من ايات القران الكريم واحديث الرسول الاكرم واهل بيته(صلوات الله عليهم اجمعين)
اسم القصة: تحت اجنحة البرزخ
للمؤلف: عبد الرزاق الحجامي
.