.
آركيولوجيا البياض
….
لي كتاب يوزع في كل العالم
عن الشعراء
ترجم إلى كل اللغات الحية و الميتة
بل توصلوا إلى محاكاة صوتية للتغريد ؛ لتفهمه الشعوب !
و حولوه إلى نبرات صارخة ذات مخالب ؛
لتردده العصافير !
لي كتاب اعتبرته الغابات بمثابة
إعادة اعتبار لأشجارها المسروقة ،
و عاجها المهيض !
لي كتاب مدهش ألفته عن الشعراء
قلبِ العالم
الأخضر
الرهيف !
شوهد الكتاب مدونا على ظهور السلاحف ،
و شوهدت سحال ٍ تتكئ على خيالاته ،
و هي مضطجعة على الشواطئ
بنظارات سوداء !
.
شوهدت شعوب تدمر أسلحتها البيولوجية،
وتحارب بأوراق هذا الكتاب ،
وتنتصر بعد حرائق كبرى !!
.
في فصله الأول كتبت عن الشعراء مقهورين ،
الشعراء الذين لا يجدون
معطفا يخبئ تشوهات الوحدة .
في فصله الثاني تحدثت عن الشعراء مذبوحين
و هم يجرون جثث الثورات ،
من الميادين
ثورة بعد جثة
وجثة بعد ثورة .
في الثالث كتبت عن نوبات الجنون ،
و شعراء عاشوا حياتهم كلها
في مبارزة الميتافيزيقا !
ناقشت في الفصل الرابع آركيولوجيا البياض ،
و الحبر باعتباره نحتا مخبأ
في وعي العالم !
…
في فصله الخامس سردت سير الياسمين ،
و الجيتارات التي مزقتها العواصف ،
و من دون سبب واضح
تحدثت عن عمال المناجم ،
و الزمن الذي يتدحرج عنهم بعيدا ،
ثم لا يجدون لحدائقه أثرا !!
.
في السادس والسابع تحدثت عن أسلافي من يكونون ،
و ذكرت منهم الأحجار التي خاطبتني قديما ،
يوجد حجر ركعت العواصف تحت ركبتيه ،
وهو لا يحرك ساكنا ،
كان هذا الحجر أستاذي الأول ،
وكلما حفروا فيه نقشا بدا النقش
فوق جلدي كوشم !!
.
في الثامن والتاسع و العاشر
شيدتُ مراتعَ للبياض !!
باعتباره ما يريده الديكتاتور
لحواس القطيع !!
.
في الحادي عشر
تناولت الشعراء ملوكا ،
صولجاناتهم مدونات بائسة
و عروشهم تغريدات منهكة في فيسبوك !!
في الثاني عشر تتبعت حياة الشعراء البدائيين ،
الذين جالسوا الغابات ،
ودونوا الخرافة و هم يهندسون الكهوف !!
.
بعد ذلك وحتى فصله قبل الأخير
كنت أسرد طقوس الفراش الذي يحترق
في جسد الشِعر
و السماوات التي تقام فيها سرادقات !
.
كتاب مدهش انتشر كهاشتاج فضائحيّ
في هشيم الفراغ الافتراضي !
– و لكن لِمَ أحدثَ الكتاب كل هذا الضجيج ؟!
– ستقولون لأنه أقام يوتوبيا للشعراء !
– يا سادة لا يوجد قراء للشعر أصلا ؛والشعراء
ليسوا من هذا العالم !
علاوة على أن كل الفصول التي تحدثت عنها
لم يقرأها أحد !!
.
في الكتاب فصل أخير مرواغ عنوانه ” قُمامة العالم “
كان سر الذيوع الكوني لي !
لم أكتب فيه كلمة واحدة
و إنما وضعت فيه صورا
لكائنات حمقى منقرضة
كانت على الدوام
تستخف بالصمت الأزرق للشعراء ،
قلب العالم الأخضر الرهيف !
و تصم نوافذها عن التسونامي الهادر
في حناجر الشعوب !!
منقوول