.
حين كنتُ صغيراً
قالتْ انتظرْني عند هذه الشّجرةِ الطيّبة
فتشبّثتُ بجذعِها منتظراً
جاء الرّبيعُ فنهبَ اللّصوصُ ثمارَها
غيرَ آبهينَ للصّبارِ النّابتِ في فمي
أتى الخريفُ فصرنا غريبين
فانحنتْ تعانقُني
وبكينا سويّاً بدموعٍ جافّة
مضتْ أعوامٌ عديدةٌ ولم تأتِ
مرّتِ الحربُ بوجهِها الشاحب
سرقتْ قدمي وحذائي
فتوكّأتُ على صوتِها وبكيت
ولم تأتِ بعد
مرّتْ قافلةٌ للجثثِ في طريقِها للمقابر
اقتلعوا حنجرتي ليتّخذوها مذياعاً
وبدأوا حشوَها بأسماءِ أولادِهم وزوجاتهم
ليشعروا في مقابرِهم بدفءِ العائلة
ولم تأتِ بعد
مرّ الحطّابونَ بفؤوسِهم الكبيرة
حملوا معهم الشّجرةَ
وحين عادتْ لم تعرفْني
وعجزتُ أن أنهضَ
أو أقولَ لها
هنا كانتِ الشّجرة
منقوول