تفيد مصادر الشرطة السويدية أن 70% من المراهقين تحت سن العشرين ، قاموا خلال عام واحد بأعمال مخلة بالقانون من سرقة أشياء من المحلات التجارية إلى إتلاف ممتلكات عامة و خاصة و قاموا بأعمال عنف واعتداء على الآخرين و يحدث هذا الجنوح السلوكي نحو العنف دون سبق إصرار أو تخطيط مسبق ، بل يمكن وصف ذلك بطيش المراهق أو رغبة في اثبات وجوده بين اقرانه أو نتيجة سلبية لما يحدث في البيت من صدام مع الوالدين . ويقول المصدر نفسه أن الغالبية من المراهقين يكفون عن هذه الأعمال العدائية عند بلوغهم العشرين من العمر ولكن تبقى فئة صغيرة منهم تمارس السرقة والتخريب و العنف والاجرام بعد سن العشرين ونستطيع أن نقول أن هذه الفئة قد احترفت الاجرام وغدى ذلك وسيلة للبحث عن المتعة المحرمة و الكسب السريع. و غالبية هؤلاء هم ضحايا تعاطي المخدرات و المشروبات الكحولية في صغرهم.
إن تحول طيش الشباب إلى جريمة منظمة لها شبكات تتوزع انشطتها على مختلف الضواحي تتسبب في ردود أفعال سلبية تؤثر على أمن المواطنين والمقيمين على حد سواء، وطالبت عدة منظمات مدنية واحزاب سياسية يمينية بالتشدد في محاسبة المنحرفين و بطرد المهاجرين من ممن يرتكبون جرائم الى بلدانهم الاصلية . حيث تظهر التقارير الرسمية أن معدل الجريمة بين شباب المهاجرين اكثر منها بين اقرانهم من المواطنين.
وللاسف يخرج من بين المهاجرين عتاة لا بتورعون عن القتل من اجل دريهمات معدودة . و شكلوا شيكات إجرام لتصفية الحسابات على اسلوب المافيا و غدى القتل جزءا من واقع الاجرام بين افراد العصابات الاجرامية المنظمة، ورغم أن عدد محترفي الإجرام لا يتجاوز 5% من المسجلين كمنحرفين في سجلات الشرطة إلا أن حصيلة ما يقومون به يزيد عن 50% من مجموع الجرائم التي تسجل في محاضر الشرطة.
أكد الدكتور والباحث نيكلاس لونجستروم Niklas Långström أن ظاهرة نمو روح الجريمة لدى المراهقين تعود للرغبة بعمل كل ما هو ممنوع ، حيث تكون التصرفات غير المسؤلة كامنة في داخلهم قبل أن تطفوا على السطح وتتحول إلى حقيقة وهذا بعكس الجرائم التي ترتكب دون سابق إصرار وتخطيط مثل جرائم التزوير ومخالفة قوانين المرور و إتلاف ممتلكات عامة فهي ظواهر عرضية قد تزول بعد أن يعاقب على الفعل الذي قام به . ويقول الدكتور نيكلاس أن الأهل والمجتمع والبيئة منفردة أو مجتمعة تصنع الانحراف الإجرامي لدى الأطفال و المراهقين ، فظاهرة العنف المبكر لدى الأطفال وظاهرة اختلاس الأموال من البيت أو إختلاس الحلوى من البقالة ، و إهمال الدروس والواجبات المدرسية والهروب من المدرسة كلها عوامل تتسبب في تشكيل شخصية شريرة. ويقول الدكتور إن تعرض الطفل إلى الضرب المبرح وهو صغير نتيجة سلوكه الغير طبيعي ورغبة الأهل في تقويم سلوكه يجعل من الطفل شخصا متمردا على العائلة والمجتمع وتنمى لدية رغبة الانتقام من الآخرين ، ويلمس ذلك من الجرائم التي يرتكبها أبناء المهاجرين حيث تجتمع عليهم العوامل الثلاث المذكورة أعلاه ، ولذلك نرى انهم يشكلون عصابات منظمة تعتدي على الآخرين .
تقول المصادر الرسمية انه حدثت في عام 2010 اكثر من 15300 حادثة عدائية أبطالها من الأحداث الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشرة من عمرهم، مما يضطر رجال الشرطة لاغلاق ملفات 65% منها لان مرتكبيها اطفال واكتفوا باطلاع الأهالي من خلال مؤسسات الشؤون الإجتماعية على أفعال أولادهم وحكم على حوالي 5000 مراهقا من الجنسين لا تزيد أعمارهم عن 17 عاما بالخدمة المدنية. وتقول المصادر نفسها إن نسبة الجرائم متفاوتة و أكثرها جرائم سرقة حيث تتجاوز 56% من مجموع الجرائم التي يرتكبها المراهقين و أما أعمال العنف والضرب فنسبتها 11% و أعمال إتلاف الممتلكات حوالي 9% و أعمال التهديد والتحرش الجنسي تبلغ 7% والأعمال الإجرامية الأخرى تبلغ حوالي 17% .
ويؤكد مدير قسم الأحداث في سجن سوندبو Sundbo Ungdomshem ارنه اندرسون Arne Andersson أن سلوك المنحرفين من المراهقين يتغير نحو الأفضل بسبب رغبتهم الشخصية بترك الجريمة وأسلوب العلاج الوقائي الذي نستخدمه في هذا المكان . ويقول : إذا استطاع الشاب الصغير أن يجنب نفسه دخول هذا المكان فليفعل ، لان مكان المراهق بيته مع أهله وليس سجن الأحداث.
و يقول: يوجد عندنا أطفال شاركوا في الحروب وكانوا أسرى في مراكز الاعتقال وتعرضوا للعنف الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي ولا يوجد سبيل لإصلاح ما أفسده ظلم الإنسان لأخيه الإنسان الا غرس الروحانيات في قلب المراهق و الحب والحنان الاسري والرعاية الجادة له من قبل مؤسسة الإصلاح الاجتماعي ، حيث يصعب إيجاد طريقة تعيده إلى الحياة الطبيعية بدون مشاركة جهات عديدة تعمل كفريق عمل ، القسيس والامام والمشرف الإجتماعي والنفسي و المدرب والمعلم و صاحب العمل كلها عوامل ان عملت بشكل فريق يمكن لها مجتمعة أن تؤثر إيجابيا، ويردف قائلا : ولكن لا يمكن لنا تركهم في المجتمع يعيثون فيه فسادا ، واجبنا في هذ الاصلاحية هو رعايتهم وإصلاحهم قدر الاستطاعة ومعالجتهم نفسيا باستخدام احدث الأساليب، ونحن نتمنى أن نصنع منهم رجالا. ويقول أيضا نحن نؤمن بأسلوب الوقاية قبل العلاج ، ويقدم نصيحة للأهل : لا تتركوا أولادكم دون عناية ومراقبة ، فسقوط المراهق في الجريمة اسهل من انتشاله منها.
يقول الطبيب النفسي بنجت دالفلود Bengt Daleflod في حديث حول عوامل انحراف الأطفال عموما و أطفال الأجانب على وجه الخصوص ومحاولة إصلاح الخلل :
·نحن نستخدم اسلوبا جديدا في معالجة الانحراف لدى المراهقين ذوي السوابق ، مبنيا على العلاج الوقائي ، من خلال تحديد المعوقات الذاتية المرتبطة بالشخص نفسه والبيئة المحيطة به وخاصة دراسة أحوال الأسرة التي نشأ فيها و الرفقة التي يرتاح إليها.
·نراقب مقدرة المراهق على السيطرة على تصرفاته عند الغضب
·الإنسان اجتماعي في طبعة ، لذلك يلتحق بالآخرين وهذه العلاقة أما أن تصنع شخصا صالحا أو فاسدا. وتعلق المراهق بمن هو على شاكلته يزيد من الأمر تعقيدا .
·المراهق المحطم نفسيا أشبه بصاحب العاهة لا يجد مخرجا من ما هو عليه إلا باستخدام العنف أو الجنوح إلى السرقة .
·مشاكل الأسرة الاجتماعية تساهم أيضا بهروب المراهقين من منازلهم ، فالبطالة والفقر وتعاطي المواد المخدرة و المشروبات الكحولية والعراك بين الرجل وزوجته والشعور بالدونية وعدم الحصول على ما يريده المراهق كلها عوامل تلقي به إلى أحضان الجريمة.
·ازدواج الشخصية مسألة خطيرة ، فالمراهق في البيت ملاك وفي الشارع أشبه ما يكون بالشيطان، اعمالة المخلة بالاداب العامة تشهد عليه ، الوالدين يريدون رؤية شاب مثالي ويحصلون على ما يريدون ، هل سأل الأب ابنه عن جهاز الهاتف النقال كيف حصل عليه ؟ هل سألت ألام ابنتها عن الفستان الباهض الثمن كيف حصلت علية ؟
يقول موظفوا مصلحة الشؤون الإجتماعية و رجال الشرطة: على الوالدين مراقبة سلوك الأولاد والتأكد من تحركاتهم ، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج ، وهناك أولاد يخبرون ذويهم بأنهم ذاهبون لزيارة أصدقائهم وهم في الحقيقة يذهبون للاماكن المشبوهة ، ليتعاطوا المخدرات و ليشربوا الخمور ويفعلون الفاحشة أو يمارسون أعمال النهب والسطوا ، فمكالمة هاتفية يمكن أن تحدد مدى صدق الأولاد ، فلو اتصل الوالد بأهل زميل ابنه وسالهم إن كان موجودا عندهم، يجلب ذلك الأمان والطمأنينة للجميع. ويقول احد رجال الشرطة : لماذا لا ينظم الأجانب أنفسهم في مجموعات مثل ما تفعله العائلات السويدية ويخرجون في عطلة نهاية الأسبوع إلى أماكن تجمع الشباب ليطلعوا بأنفسهم على تحركات أبنائهم ويرسموا صورة واقعية عنهم ، وهذه التصرفات لها تأثيرا إيجابيا على المراهقين. ويقول رجال الشرطة : أن بعض الأهالي يتباهون بقدرة الأبناء الجسدية وخوف المدرسين و التلاميذ منهم ، وهذا الحال هو انحطاط وتخلف قد يدفع الولد إلى الغرور والانحراف ، والسجون مليئة بالشباب من اصول اجنبية نتيجة اهمال الوالدين لتربية ابنائهم. و من هذا المنطلق نتوجه الى المساجد لتتحمل مسؤليتها في تربية اطفال المسلمين على السلوك السوي و على الأخلاق الحميدة الى جانب التعليم اللغوي والديني.
للفائدة منقول