وكعادات الصعيد الجارية تخدم زوجة الابن في بيت العائلة، ولأنها كانت فتاة تعرف خالقها وربيت على أخلاق الشريعة الإسلامية، كانت فتاة حاملة لكتاب الله العظيم، لذلك راعت ربها في زوجها وأهله.
في بداية زواجهما كانت تعامل معاملة قاسية من أم زوجها، ولكنها كانت تلتمس لها الأعذار وتراعي دائما أنها بيوم من الأيام ستكون في مكانها، تحاول جاهدة ألا تضايقها وتعكر مزاجها ولو بكلمة واحدة.
كلما فعلت الفتاة المسكينة شيئا لا ترضى عنه أم زوجها، لا الأكل ولا نظافة المنزل على الرغم من كون الفتاة متقنة تماما لكافة أعمال المنزل، فتتمتع بخبرة فائقة في الطبخ وإدارة كافة شئون المنزل.
كانت تتحمل مسئولية قاسية، وكانت على قدرها ولكنها في المقابل لا تحصل إلا على المعاملة السيئة الموجعة من والدة زوجها ووالده وإخوته الفتيان، دائما ما كانت تصلي وتستعين بخالقها التي كانت تعتقد أنه أراد بها كل ما هي فيه من أجل ابتلاء يريد به كل الخير لها، لذلك بكل معاملة وموقف سيء منهم جميعا لا تتضرع ولا تذرف الدموع إلا بين يدي ربها.
الأغرب من كل ذلك كان موقف زوجها، فقد كان دائما وفي كل مرة يعرف الحقيقة بكل أسرارها ويعرف مدى ظلم أهله لزوجته إلا أنه يظلمها معهم تارة بالضرب وتارة بالإهانة وكل ذلك أمام أهله مما جعلهم يسبونها ويتطاولون عليها بالضرب.
ضاقت الأرض بما رحبت على الفتاة، فكرت بإنهاء حياتها بيدها ولكنها في آخر لحظة وقف الله بجانبها فلم تكتمل خطة انتحارها لأن الله لا يرضى لها إلا الخير.
وبيوم من الأيام مرضت الزوجة كثيرا لدرجة أنها طاحت على الأرض من شدة الإعياء الذي لحق بها وهي تخدم أهله، فلم تجد منهم من يأخذ بيدها، وبالصدفة في هذا اليوم جاءت والدتها لتزورها وتطمئن عليها عندما طال عليها انتظار سؤال ابنتها عنها على خلاف عادتها إذ كانت محبة للغاية لوالدتها ولا تقوى على فراقها، وأول ما وطأت قدم والدة الفتاة منزل أهلها وجدت ابنتها طريحة الأرض ولا تجد من يهتم لأمرها، اتصلت الأم على الفور على ابنها الذي جاءها مباشرة فحمل أخته وعلى أقرب طبيب.
تضايقت الأم من حال ابنتها التي كانت شبيهة بالوردة المتفتحة وآلت حالتها كمثيلة لعجوز تجاوزت الخمسين من عمرها من كثرة ما عانت ولاقت بمنزل زوجها وأهله من ظلم وجبروت عظيمين.
ولكن كانت المفاجأة حينما علمت الأم وابنها بخبر حمل ابنتها، فقد كانت تنوي أن تأخذ ابنتها وترحمها من العذاب المرير الذي تعيش به، هنا رفضت الابنة أن تستمع لكلام أمها مخافة على الجنين الذي بأحشائها من أن يقدم إلى الحياة ولا يدري بأبيه ولا بأهل أبيه ويا ليتها لم تفعل.
عادت الزوجة إلى زوجها وأهله بالرغم من كل ما فعلوه بها، وعندما عادت لم تواجه إلا كل ما هو ألعن وأضل سبيلا، فاعتبروا عودتها دليلا على انكسارها بالطفل الذي ببطنها، فعاملوها معاملة أكثر إذلالا، ودخلوها في دوامة إنجاب الذكر والأنثى، أوصلوها إلى مرحلة تمنت فيها موتها وموت صغيرها لحظة الولادة.
ومازالت تعمل لهم كالخادمة تتقن كل عمل تقوم به، وفي النهاية لا تجد منهم إلا عدم الرضا مع الإساءة أيضا، وضعت الزوجة طفلة صغيرة في منتهى الجمال وما وجدت من أهلها إلا الكره وتمني الموت لها.
عانت كثيرا ولكن في النهاية عندما وصلت إلى منتهاها من سوء معاملتهم أخلصت الدعاء إلى خالقها، فرأت إشارة حيث سمعت آية قرآنية تتكلم عن الطلاق، فحملت ابنتها الصغيرة وذهبت إلى منزل أهلها وقصت عليهم كل ما حدث معها من لحظة دخولها منزل زوجها وأهله الظلمة، فطلبت الطلاق ووفقها الله إليه، وأصبحت ابنتها دنياها بما حوت.