تقلبات
بالأمس كان للبيان
مكانة رفيعة في حضرة السلطان
وكان شاعر المديح والهجاء
معززا مكرما إذا أتى البلاط
و يفرشون في طريقه البساط
والشعر فارس الزمان دونما منازع
في القفر والقصور والإيوان
لكنما الزمان
تبدلت أموره تراجع القصيد و البيان وحكمة اليونان
وما حكى سقراط
وصارت الملوك بالشيوخ واللحى تحاط
فبعضهم مقدّم وبعضهم ملازم وبعضهم في زمرة الضباط
وبعضهم يلعب في الشمال
و بعضهم مكانه على اليمين
وبعضهم مدافع وبعضهم مهاجم
وبعضهم في موقع احتياط
ما عادت الإشعار تنفع القبيلة وليس في يد البيان حيلة
في زمن الشيوخ و الفتاوى
فالمجد في زماننا للحية الطويلة
والذمة الواسعة الطويلة
أصيبت النفوس بالإحباط
توقف الفكر عن النشاط
ولم يعد في وسع شاعر في العام
أن يبتاع لابنه حذاء
أو يشتري الرباط
تغير الزمان
وصارت الفئران حاكما
و أصبح الفكر معرضا للذلوالهوان
وصارت الفتوى جلالا جلالا
و أصبح المفتي بهلوان
يرقص فوق حبل رغبة للسلطان
يحلل الحرام او يحرم الحلال في ثوان
يعدّ في مكتبه تعويذة لتطرد الأحزاب والشيطان
يهدّئ السلطان حينما يغضب او يشتاط
تغير الزمان مات شاعر القبيلة
ولم تعد تباع في زماننا قصائد المديح والهجاء
والحب والرثاء
والقصائد العصماء
فالمجد للعمامة البيضاء والذمة السوداء
لمن يجيد لعبة التسبيح و الدعاء
لمن يصير دمية تدار من خزانة الوالي بكهرباء
من المحيط للخليج من منامة البحرين للرباط
عواصم العروبة البلهاء
تعيش عصر الانحطاط
عمائم النفاق كي تميت رأسها وفكرها تخاط
تجيد لعبة التقلب
ولعبة التذبذب
كالطقس في شباط
ولا عزاء للإشعار
فالصمت عسجد في زمن الدولار
في زمن السقوط والإسقاط
في زمن السياط
م