.
منْ نافِذة قصيدةٍ كُتبتْ لِلتّوّ
….
أكْتبُ علَى أعْصابي،
مثْل لاعِب يانَصِيبٍ مُهدّد بالإفلاسِ،
تارةً أرْمي قلْبي رمْيَة نَرْدٍ،
وأتْركهُ وحِيدًا ينْبضُ فوْق طاولة الرّهانِ،
وطوْرًا أدحْرِجُه بضرْبة شِعْر،
مثْل كُرًة البلْيارْدُو،
فيسْقط وئِيدًا في ثقْب قصِيدة نثْر.
.
أقامِر بالكَلمات،
أحْيانا، أغامِر بِما معِي منْها دفْعةً واحِدة،
لأخسرَ كلّ شيء دفْعة واحدة أيْضًا،
فأرْهَنَ قصائدَ لمْ أكتبْها بعْدُ،
وأرْهنَ أحْلامي وكلّ ما ادّخرْتُ من الأمَاني،
حينَها فقط، يغْلي شذًا أهْوَجُ في دمِي،
وتصِيرُ لي مخالبُ نسْر.
.
أخْفقُ مع دوْرة الرُّولِيتْ،
أشْتمُ الحظّ وأثِيرُ القَلاقل كأيّ خاسِر كبِير،
فيطوّقنِي على الفوْر،
حرّاسُ أمْنٍ مفْتُولي الاستِعاراتِ،
و يرْمُوني منْ قَفايَ خارجَ كازِينُو المَجاز،
وأنا أرْغِي وأزْبدُ،
منْ غيْر أنْ يَأْبَهَ بي أحدٌ ومنْ غيْر أن ..
***
أكْتبُ برَشاقة أكْرُوباتْ،
أمْشي على حبْل المجَاز بكلّ ثقَة و اتّزان،
وأنا ألاعِبُ دوَائر الكلمات.
أقفُ على رأسِي بترْكيزٍ مثْل راهب بوذيّ،
فوْق مُفرَدة في الهَواء،
وأنا ألوّحُ للجمْهور بِكلْتَا قفازتيّ.
أتشَقْلَبُ فوْق سجّاد القصِيدة بخفّةِ سنّوْر،
وأتّخذُ هيْئة منْحُوتَةٍ في الفرَاغ،
أوْ شكْل عقْرب.
أفرْقِعُ كُرْباجِيَ المظْفورَ من أمْعاءِ الخيَال،
فتَخُبّ على الرّكْح أحْصِنةٌ بيْضاء،
أقِفُ على صهْوة واحدٍ، ثمّ على صهْوتيْن،
ثمّ أتدَحْرجُ من تحْت بُطون الأحْصنةِ البيْضاء،
مثْل كائِنٍ من العِلْكِ.
أمْشي على حبْل المَجاز ثانيةً بكلّ اتّزان،
سيّانِ .. عنْديَ الآنَ سيّان ،
أنْ يُقالَ هذا شاعرٌ، أمْ يقالَ بهْلوانْ .
***
أكتبُ علَى عجَلٍ،
في غفْلةٍ من شرْطة الشِّعر ومِن النّقّاد،
أكتبُ بلا رُخْصة،
ولا تصْميمٍ من مهنْدس مُعْتمَدٍ في عمُود الشّعر،
أكتبُ بشكْلٍ فوْضويّ،
جنْبًا إلى جنْبٍ مع جمْهرة من الشّعراء ،
النّازحِين منْ أرْياف المَجاز،
نكتبُ مُختلطِين وبِلا أدْنى امْتياز،
نكتبُ وقْتَ القيْلولة، وفي أوقات الصّلاة،
نكتبُ تحْت جنْح الظّلام،
وفي أيّام السبْت والأحد والأعْياد،
لكيْ نتَحاشى شوْشَرة المُخْبرين قدْر المُستطاعِ،
نكتبُ بسرعةٍ خاطفة،
كأنّنا في حرْب عِصابات،
وأحْيانًا نتَنادى مِنْ هنا وهناك إلى ” تْويزَة “
كي نكتبَ قصيدة واحِدة،
في لمْح البَصر،
حتّى إذا حلّتْ بعينِ المكان لِجَنُ التّفتيش،
بعْد حينٍ ،
وجَدُوا شاعرا يطلّ منْ نافِذةٍ،
في قصيدةٍ كُتبتْ لِلتّوّ.
منقوول