.
على النافذة لا يحط غراب ولا ذبابة ولا عصافير. على النافذة تحط زهرة ذابلة وقعت من الطابق الأعلى وعلى المائدة ستبقى طوال المساء. أحدّق فيها تحت إضاءة تدمي العينين. على الحائط لوحة لـ “كليمت” بدت فيها الحياة البهيجة الملوّنة وهي تذوي أمام رسول الهلاك الناظر باستعلاء إلى الأجساد الفائرة المكوّمة خافضة رؤوسها. ميتة حتى قبل أن ينشب الملاك حربته. أضع الزهرة في المسافة الفاصلة بين الهيكل العظميّ للملاك وبين الكائنات الملوّنة، لكنّ الزهرة تتململ، تخفق أن تكون جسراً. ألم تكن ذابلة هي الأخرى؟ أزحزحها إلى العين الفارغة في رأس الملاك فتقبع مستريحة أكثر. لكنّ الزهرة لم تخلق لتملأ الأعين الفارغة، الزهرة خلقت لتملأ شرفة الطابق الأعلى، لكنها ماتت. الحقيقة أنها نزلت إليّ لأنها ماتت. إلى نافذتي التي لا يحط عليها غراب ولا ذبابة ولا عصافير.
منقوول