نسبه ونشأته
من اعلام التابعين هو عمران بن ملحان، ويقال عمران بن عبد الله ويقال عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي، وكان كمولده كما ذكر ابن حجر في الإصابة: قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة، وعاش إلى خلافة هشام بن عبد الملك.
إسلامه
أدرك الجاهلية والإسلام، فهو من المخضرمين، إلا أنه لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، وكان إسلامه بعد الفتح، وقيل بعد المبعث، ويذكر البخاري في التاريخ الكبير إن إسلامه كان بعد الفتح فيقول على لسانه: كنت أفر من النبي صلى الله عليه وسلم حتى عفا عن الناس حين فتح مكة، فأسلمت بعد ذلك، ويحكي أبو رجاء قصة إسلامه فيقول: كنت لما بعث النبي أرعى الإبل وأخطمها فخرجنا هرابًا خوفًا منه فقيل لنا: إنما يسأل هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فمن قالها أمن على دمه وماله؛ فدخلنا في الإسلام، ويقول: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكان لنا صنم مدور فحملناه على قتب وتحولنا، ففقدنا الحجر، انسل فوقع في رمل فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه، فاستخرجته فكان ذلك أول إسلامي فقلت: إن إلهًا لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء، وإن العنز لتمنع حياها بذنبها، فكان ذلك أول إسلامي فرجعت إلى المدينة وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم .
الصحابة الذين تعلم على يديهم
يعد أبو رجاء في كبار التابعين، ونهل من علم كبار الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يمنعه تقدمه في السن من التعلم، حتى على يد صغار الصحابة كعبد الله بن عباس، فقد تعلم القراءة عرضًا عن عبد الله بن عباس، وتلقن القرآن من أبي موسى الأشعري الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتي مزمارًا من مزامير آل داود، وكان يقول: كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات. وكذلك قرأ القرآن على أبي بكر الصديق، وروى عن عمر بن الخطاب، وعلي وابن عباس وسمرة ، وتعلم من أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وروى عن غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
من أخذ عنه
روى عنه: أيوب السختياني وجرير بن حازم والجعد أبو عثمان وأبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي والحسن بن ذكوان وحماد بن نجيح وخالد الحذاء وسعيد بن أبي عروبة وسلم بن زرير وصخر بن جويرية وعباد بن منصور وعبد الله بن عون وعثمان الشحام وأبو العلاء عمرو بن العلاء اليشكري ولقبه جرن وعمران بن مسلم القصير وعوف الأعرابي وقرة بن خالد السدوسي ومهدي بن ميمون وأبو الحارث الكرماني وأبو عمرو بن العلاء النحوي المقرىء.
أهم ملامح شخصيته
عبادته وعلمه
وكان أبو رجاء عابداً كثير الصلاة وتلاوة القرآن، كان يقول: ما آسى على شيء من الدنيا إلا أن أعفر في التراب وجهي كل يوم خمس مرات، ويقول أبو الأشهب: وكان أبو رجاء يختم في شهر رمضان في كل عشر ليال مرة، وكان ثقة في الحديث وله رواية وعلم بالقرآن وأم قومه في مسجدهم أربعين سنة.
من كلماته
كان يقول: ما آسى على شيء أخلفه بعدى إلا أنى كنت أعفر وجهي كل يوم وليلة خمس مرات لربي .
الوفاة
توفي أبو رجاء العطاردي سنة خمس ومائة وقيل: سنة ثمان ومائة وعاش مائة وخمسا وثلاثين سنة وقيل: مائة وعشرين سنة، واجتمع في جنازته الحسن البصري والفرزدق الشاعر، فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم! فقال: لست بخيرهم ولست بشرهم ولكن ما أعددت لهذا اليوم قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقال:
ألم تر أن الناس مات كبيرهم *** وقد كان قبل البعث بعث محمد
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة *** وستين لما بات غير موسد
المصادر
طبقات ابن خياط - الاستيعاب - معرفة القراء الكبار - أسد الغابة - التاريخ الكبير - تهذيب الكمال.
قصة الإسلام