كثر السخط على حاكم دولة مسلمة، من كثرة ظلمه، وطمعه، وجشعه، فما كان من الشعب إلا أن إصطف خلف قيادات المعارضة، حتى تسنى لهم إزاحة الجبار من رأس السلطة، بيد أن الدولة دخلت بعدها في صراع آخر على السلطة، لكن كان بين قيادات المعارضة هذه المرة
حتى إستطاع أحدهم إقناع رفاق الدرب بأنه الأجدر بحكم البلاد، وتحقق له ما أراد.
وبعد أن إستتب الحكم للحاكم المسلم الجديد، إمتطاه الغرور، وشعُر بحلاوة المنصب، وفكر بأن من إنقلبوا على غيره يوماً، قد ينقلبون عليه يوماً ما آخر، وهنا قرر أن لا يفرط في السلطة مهما كلفه الأمر.
وكان هناك كهف ليس ببعيد عن قصر الحكم، يقال عنه أنه مسكون بشيطان، أخذ عهداً على نفسه بخدمة إبليس إلى يوم الدين.
فكر الحاكم المسلم، بأن يعتكف في كهف الشيطان، ليلتقي به ويكون عوناً له لبقاء حكمه، حتى تحقق له ما أراد، وظهر له الشيطان، بعدما تيقن من إخلاص الحاكم المسلم له، وقال له عليك بإتباع نصيحتي حتى يستتب لك سلطانك، فرد الحاكم : سمعاً وطاعة، فقال الشيطان عليك بالتالي :
- إنشر الفساد بين الناس، الخاصة والعامة، فإن إنتشر، لن يقدر أحد على نقدك.
- إنشر الجهل بين الناس، وامنع العلم، والمعرفة عنهم، فإن الناس لو علموا لخلعوك.
- كُن رجل شعارات، تتحدث ولا تفعل، وإستعن في ذلك بحملة المباخر، والمنافقين، والشعراء.
- أخبر الناس أنك ملهم من الله، وإستعن في ذلك بالمنافقين من رجال الدين.
- لتكن بين الناس أنت حامي الحمى، وراعي الرعية، ومن يخالفك إما خائن، أو كافر.
- إنشر الفقر بين الناس، حتى تنهار الأخلاق، وتصبح أفضل قومك.
- عليك بالأديان، فحطم أركانها، وإعبث بها، فإن سقطت أمنت عرشك.
- ليكن وطنك للمخلصين لك، لا مكان فيه لعلماء، أو طامحين، أو مخلصين للوطن من دونك.
- إنشر الرذيلة بين الناس، فلا تحاسب الفاجر، أو الزاني، وراقب رعيتك، ومن لا ترضى عنه إفشي أسراره، وإفضح أمره.
ركع الحاكم أمام الشيطان، ووعده بأن يلتزم بالنصيحة، وأن ينفذها على أكمل وجه، ومرت سنوات طويلة، والحاكم لازال على العرش، حتى شاخ، وهرم، إلى أن ظن أنه باقٍ لآخر نفس في عمره، بيد أنه ذات ليلة، تعرضت بلاده لهجوم من دولة الفرنجة، كان جيشها جباراً لايرحم، فسقطت دولة الحاكم المسلم، الضعيفة الأركان.
حتى أتى قائد دولة الفرنجة بالحاكم المسلم بعد أن تم أسره، وطلب منه أن يسلمه كل ما يملك من أموال وكنوز ! فجاء إليه بها، فنظر قائد الفرنجة للأموال والكنوز فإذا بها أكثر مما توقع بكثير !.
عندما رأى قائد الفرنجة، ما رأى من نِعَم على الحاكم المسلم، وحاشيتة، ورأى على جانب آخر فقر وجهل شعب الدولة المسلم، نظر إلى الحاكم وقال له :
"تقولون أننا كفرة وأنتم الفجرة، تقولون أننا ظلمة، ونحن سيوف الله في أرضه".
ثم أمر بقطع رؤوس الحاكم، وعائلته، وخاصته.