أقف في حضن شجرةٍ أسميها حياتي،
تلامسني أوراقها الرطبة و تخدشني بلطفٍ أغصانها الصغيرة،
أغمضُ عينيَّ بهدوءٍ،
أفتح ذراعي لأقصى ما يفرد طائر جناحيه.
أقف صامت بخشوع،
حتى تتحد أنفاسنا أنا وشجرتي،
لا تنكرني.
لا تخاف مني.
أتجرد من كل شيء عرفته وتعلمته،
من الإجابات،
من الأفكار،
من الأسئلة الوجودية،
من الحقائق،
من الموت،
من القوى الخارجية،
من البشر
والغبار
والغضب
والحرية
والفرص
والخسارات،
من وجهي
و ذاكرتي
والمكان والزمن.
من الحب والخوف
والبدايات والنهايات
أخرج من العالم الذي أعرفه ولا أنتمي إليه،
في أعماق الظلام،
بتوحد لا حد له، أتوحد مع كل ذرةٍ من حولي،
لا أرتبك لا أخاف،
لا أفكر.
لا حزن لا سعادة،
لا رغبة،
لا لهو،
لا قلقٌ،
ولا كآبة
أشعرُ بنفسي تحل بنفسي،
أو أني أعودُ إلى الغيب حيث كنتُ عبثَ الفكر في وجودي. شيئاً فشيئاً أشعرُ أني كائنٌ لا مرئي،
أني امتدادٌ للطبيعة،
جسدي هذا الضبابُ الخفيفُ،
و شعري عشُّ العصافير البردانه،
فمي أفكارُ ورود شائكة،
وجهي غيمة تتعلم كيف تمطر للمرة الأولى،
قلبي ألم الكائنات الضعيفة تحت هذا الليل.
ولأني لم أعد أعرفُ أين أقفُ ولا من أنا ولا ماذا أريدُ ولا بما أشعر،
لأني لا أستطيعُ فهمَ كلِّ هذه الفوضى التي تتربى في دمي ! غاضب من كل شيء،
أحس بنفور غريب من كل الكائنات دون أن يؤذيني أحد،
حتى الذين أتصوفُ في محبتهم.
أرتكبُ هذه الخيالات،
هذا العُري أحياناً لأني لا أريدُ أن أكونَ لحظتها أكثر من نجمٍ مطفأ أو ورقةِ خريفٍ أو ريشةِ طائرٍ مهاجرٍ،
لا يهتمُ بقدَرِه ولا بالكائنة الذي انفصلت عنها ولا بالغيبِ الآتي.
أفعلُ هذا وكأني أودُ قتلَ هذا الجسد الساخن الذي أسكنه،
أن أحطِّمَ هذا الرأس َالمحشو بالانهزام واليأس والكآبة والضعف والأفكار الجبانة،
أن أتحرَّرَ من كوني إنساناً،
أن أعودَ إلى أصلي الذي لا أعرفه و أتوقُ إليه بكلِّ روحي.
أتعرى أحيانا لأنها طريقتي في الهرب من زيف الحياة و الكذب والبكاء لساعات بدون سبب،
أتعرَّى وكأني أحرقُ بيتي و أتبرأ من فكرةِ اللجوء والاحتواء.
لو أنى أملكُ حريتي،
لجعلت من حياتي القصيرة كل هذه الأرض،
وأنا أتبعُ إشاراتِ قلبي الغامضة حتى النفس الأخير...
انجل