إعراب الأسماء الخمسة
--------------------------------------------------------------------------------
اختلف النحويون في إعراب الأسماء الخمسة اختلافًا كثيرًا، فأما سيبويه فلم يلتفت إلى ما يتغير في لفظها مضافة، بل ذهب إلى تقدير الحركات على الحروف كما تظهر على حرف الإعراب وهو الدال من (زيد)، فقدر الضمة علامة للرفع على الواو في مثل: جاء أبوك، وقدر علامة النصب فتحة على الألف في مثل: رأيت أباك، وقدر علامة الجر كسرة على الياء في مثل: مررت بأبيك. وسيبويه يقدر الحركات على الألف من المثنى والواو من جمع السلامة ويقدر الفتحة أو الكسرة على الياء منهما، قال الشنتمري في (النكت، أحد شروح كتاب سيبويه، 1: 121): "فإن قال قائل: هل في هذه الحروف حركة في النيّة، فالجواب أنّ فيها حركةً مقدرةً وإنْ لم ينطق بها استثقالاً لها كما تكون في عصا وقفا حركة منوية، من قبل أن هذه الحروف لمّا دلت على تمام معنى الكلمة في ذاتها وأشبهن ألف حبلى وقفا جرين مجراها في نيّة الحركة إذْ لا موجب للبناء". والذي دعا سيبويه إلى ذلك أنه أراد جعل علامات الإعراب مطردة وهي الحركات القصيرة. وأما غيره فتعددت طرائق إعرابهم على أن أشيعها جعل الحروف نائبة عن الحركات.
ويشكل على بعض طلابنا إعراب الأسماء الخمسة هذا؛ لأنهم علّموا ذلك الإعراب بطريقة صعبت الأمر عليهم؛ إذ القول بنيابة الحروف عن الحركات ربما جعل الأمر مختلفًا بعض الاختلاف عن المألوف من أمر العلامات الإعرابية. وأحسب أنَّ أمر التيسير يقتضي أن يُعلّموا منذ البداية أن اللغة العربية لها ستّ حركات: ثلاث منها قصيرة، هي الضمة والفتحة والكسرة، وثلاث طويلة؛ أي لا تختلف عن القصيرة إلا في الطول، وهي ما يسمى بالمدود، فإذا مدت الضمة نشأت واو المد، وإذا مدت الفتحة نشأت ألف المد، وإذا مدت الكسرة نشأت ياء المد. فإذا جئنا إلى إعراب هذه الأسماء الخمسة قلنا إنها إن كانت مفردة أعربت كأي اسم معرب بحركات قصيرة كما في قولنا: جاء أبٌ، ورأيت أبًا، ومررت بأبٍ، وإن أضيفت إلى غير ياء المتكلم أعربت بحركات طويلة، فنقول: جاء أبوك، رفع بضمة طويلة، ورأيت أباك، نصب بفتحة طويلة، ومررت بأبيك. جرّ بكسرة طويلة. وهذا أسهل من القول: رفع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الخمسة. ولعل من المفيد أن نبين لهم أن من العرب من نطق بهذه الأسماء بالحركات القصيرة فقال: جاء أبُك، ورأيت أبَك، ومررت بأبِك. وهذا المطل الذي نال حركات الإعراب هو تعويض لبنية هذه الأسماء، فهي أسماء ثنائية الجذور ولكن العربية صيرتها ثلاثية فجرى التعويض بطرائق مختلفة كمضاعفة جذر أو إضافة علة أو تاء أو مطل حركة. ويلاحظ التعويض في الاسم (فم) فحين تحذف ميمه تلزمه المدود مضافًا (فوك/فاك/فيك). ومن الأسماء ما اقتضت بنيته ملازمة المدود لأنه من جذر واحد وهو (ذو/ذا/ ذي) وقد لازمته المدود لأنه ملازم للإضافة فلا يفرد. ومن أجل ذلك إذا عدّ في جملة الأسماء الستة عدّ مضافًا، فيقال: (أب وأخ وحم وفم وذو مالٍ).