.
سَأَبنِى لِنَفْسِى مَنزِلاً.. بَعِيدًا، ربَّمَا فِى الصَحْرَاء، مَعَ كَلبٍ ضَخْمٍ.. بِطَوقٍ فِى الرَّقَبَةِ، كَى لَا يُفَكِّر فِى الهَرَب. وشجرةٌ وحيدةٌ.. كبيرةٌ ومثْمرةٌ فى الصَّيفِ والشِتَاء.. شَجَرَةٌ لَا تنتَمِى إلى ذَاكَ المُناخ.. ولا أحَدَ يَعلَمُ كَيفَ نَمَتْ فِى الرِّمَال.
سأبنى لنَفسِى مَنزِلاً.. ربَمَا عَلَى شَاطِئ غَيرِ مَوطوءٍ.. مَعَ المَاء اللَّانَهَائى والنَخِيل.. وَقِطَّتِى العَجوز.. التِى أعلمُ أَنَّهَا سَتَموتُ قَرِيبًا وتَتركُنى..
سَأَتَنَاوَلُ حَشَائِشَ الشَاطِئ عَلَى مَائِدَةِ الإِفْطَارِ.. وَالعَشَاء.. سَتَفوتنِى وَجْبَة الغَدَاء؛ لِأَنَنِى لَا أجِيد الصَّيْد بعد.
سَأطْلِق الرَصَاصَ عَلى قَدَمَىَّ؛ كَى لَا أَتَحَرَّكَ صَوْبَ المَدِينَة. سَأُطْلِق الرَصَاصَ عَلى ذَاكِرَتِى المهتَرِئَةِ؛ كَى لاَ تفَاجئُنِى، مِنْ حِينٍ إلى آخَر، بِصورٍ لَهمْ. سَأطلِقُ الرَّصَاصَ عَلَىَ محرِّك القَارِبِ؛ كَى لَا أبحِرَ عَائدةً، فِى لَحْظَةِ حَنين سَاذَجَة.
لَنْ أفَكِّرَ أَبَدًا فِى تعَلُّمِ الصَّيْدِ.. وسَأجْلِس أَمَامَ البَيْتِ كُلَّ مساءٍ أوقِّع النَجْمَات.. التِى اخْتَارَتْ، مثْلِى، تِلْكَ البقْعَة البَعيدَة مِنَ السَّمَاءِ، وأحْتَفِظ بِهَا، فِى صنْدوقٍ زجَاجىّ، كَانَ قَدِيمًا لسَمَكَتى البرْتقَالِيَة.. قَبْلَ أنْ تَموتْ.
كلَّ يومٍ سَأطْعِم النَجْمَات السُّكَّرَ؛ لتضِىء لِى، عنْدَمَا تَنْقَطِعُ الكَهْرَبَا. ودَائمًا، سَأعَلِّقَ البنْدقِيَةَ القَدِيمَةَ عَلَى كَتِفى.. وَهَكَذَا لَنْ يَجْرُؤَ الغرَبَاءُ عَلَى الاقْتِرَاب.
منقوول