.
لو جاءتْ العصافيرُ بعدَ الغروبِ سأمزقُها، وأجعلها طحينًا
أسودَ معجونًا بالقهوة التي أفسدت نكهةَ شاعرَها
الرومانتيكيَّ.
ثم ألطخُ بها وجوهَ النساءِ اللاتي تأخرن عن رائحة طهي
النهرِ بنصفِ برتقالةٍ ساخنةٍ.
الشاعرُ المفتونُ صيّادُ نساءِ المدينةِ، قايضَ عينِيه بنحلتَين،
وجمجمتَه بكأسِ نبيذٍ. ما زال يعتقدُ أن النهدَ سمكةً جائعةً
تصطادُ أيادي الشعراءِ الغرقى، وتقليها داخلَ حمالةِ صدرٍ.
والجميلةُ التى قبّلتْ مرآتها ذاتَ صباحِ، فتكسّرَ زجاجُ
شفتيِها
قطعًا من صراخِ. كانت الأشجارُ تنتحرُ على ساقيها
وتحترقُ، لتموتَ أنيقةً ككفَ الحطابَ الذي يكرهُ المطرُ،
ولا أحدَ يحبُ المطرَ غيرُ فاتنة أصابها الجفافُ العاطفيُّ.
الشهقةُ المارقةُ راميةً سهامَ الربِ في أحشائي لتصيرَ
مزرعتَه.
والشيطانُ يجففُ ضلوعَه حطبًا لقهوتي الباردةِ.
بائعُ مناديلَ وجدً الحزنَ “عابرَ سبيلٍ”.
سارقُ الموتِ بمنقاره الأنيقِ، كانَ يخطفُ الأرواحَ كلَ
ليلةٍ،
فيغضبُ الفلكيُّ العجوزُعلى ضياعِ حصتِهِ من رائحةِ شواءِ
الجثثِ.
غنوا لي يا أخوتي الجثث، وارقصوا
فأنا أوسمُكم، وأقربُكم لقلبِ الحمامِ الحزينِ.
لم أمت، كنت فقط أنتظرُكِ بهدوءٍ .
لم أمت، كنتُ فقط أشاهدُ جريمةً مضحكةً.
الوردُ حينَ يبكي، فيغرقُ النحلَ دونً وصيةٍ
من ملكةِ الذكرياتِ، والنحلُ أجملُ بناتِ عمتي « بيروت».
نهودٌ تصفقُ لنابها المكسورِ.
فرشاةُ أسناني، ألوانُ روحِك الباهتة
صورتُك المعلقةُ على ذيلِ عصافيرَ الغروبِ
كأمنيةٍ بعيدةٍ، وملونةِ
صورتُك أشهى من لحمِ الفراشاتِ.
أصابعُك.. مفاتيحُ العزلةِ التى صدأت حولَ رقبتي
فمُك.. البئرُ المردومُ بحزنٍ الخيولِ
رائحتُك التي نسيتها على الوسادةِ نبتت غاردينيا ترقصُ
وهي مصابةٌ بزكامِ
سكينٌ تقشرُ شفاةً خضراءَ، وتحشوها بالنحلِ المقتولِ
عودةُ البرابرةِ إلى النصِ:
وردةٌ في عنقِ الصرخةِ.. ووردة تعانق خصرك
الشجرةُ التى قررتْ أن تحبلَ قبلَ الحربِ
حكيمٌ مختبئٌ في رأسِ نعامةِ، كخوذةٍ واقيةٍ من الرصاصِ
مرأةٌ تبصقُ في وجهِ الضاحكينَ
عاشقٌ قديمٌ ربطَ الخيل في أهدابِ عينيها.. وقفز في فوهة
الفستان
دمعةٌ من عودِ ثقابٍ
شرفةٌ تقفز من عين ساهرة، وتهرب مع رواد المقهى
المذعور
ذاكرةٌ تطيلُ رقبتَها لتنظرَ إلينا بقرفٍ.
شاعرٌ حزينٌ قطفَ نهديها.. وغرسَ غرابيين كذكرى
سوداء لموتِ الأيدي.
الجندىُ الذي قايضَ بندقيتَهُ بكمنجةٍ، وخسرَ قنصَ نهودِ
أراملِ القصيدةِ.
الطفلةُ التى قايضت العلكةَ برصاصةِ حلوةِ المذاقِ
نبيٌّ يرددُ: « الوحدانيةُ أن يعلنَ الربُ نهايةَ العالمِ دونَ
تتراتٍ »
قصائدٌ مكتوبةٌ بأحذيةٍ لتليقَ بقبحُ العالمِ،
( أريدُ حذاءَ ابنتي أسطوريًّا لتطيرَ خلفَ فقاعاتِ الفرحِ).
حقيبةُ سفرٍ لا تنفضَ بكارتَها .
وجهٌ معتمٌ بالذكرياتِ، لو مسّهُ مصباحُ كفِكِ
صارَ فنارا للمحبوسينَ في شفاهِ البحرِ.
أقراصٌ منومةٌ للحاقِ بحلمِ عاشقةٍ مهجورةٍ
تسكنُ الجوارَ المهجورَ.
كفٌ ميتمٌ من خمسةِ أصابعَ مؤنثةٍ.
مأساةٌ ظلِّ القبلةِ.. سجادةُ المنسيينَ
هزيمةُ الوردِ على ظهرِ عاريةٍ
كانت تحلمُ برجلِ الاطفاءِ « شقيقِ الندى».
شفاهٌ مطليةٌ بالأسمنتِ، حينَ تشققتْ صرختْ :
أنتَ وحدَكَ قاذفُ القبلةِ، والعصفورُ المتفحمُ في جوفي.
الغرابُ الأزرقُ سيئُ الحظِ، حارسُ النهرِ من انتحارِ
الشعراءِ.
وردةُ سيلانَ، « وردةُ لا أحدَ »*.
وكرسي يطمحُ في أن يجلسَ الوحيدُ أولَ الليلِ،
ويبنى طابقا ثالثا من فخذي وحيدةٍ…
منقوول