ما تفسير الصبر ؟ ما تفسير القناعة ؟ ما تفسير الرضا ؟ ما تفسير الزُّهد ؟
ما تفسير الإخلاص ؟ ما تفسير اليقين ؟ ما تفسير التوكل على الله ؟
*
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
جَاءَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي بِهَدِيَّةٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَداً قَبْلَكَ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : وَمَا هِيَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الصَّبْرُ ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : وَمَا هُوَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْقَنَاعَةُ ، وَأَحْسَنُ مِنْهَا ؟
فَقَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ الرِّضَا ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ؟
فَقَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ الزُّهْدُ ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ؟
فَقَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ الْإِخْلَاصُ ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ؟
فَقَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ الْيَقِينُ ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : وَمَا هُوَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِنَّ مَدْرَجَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
يَا جَبْرَئِيلُ ، وَمَا تَفْسِيرُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ ، وَاسْتِعْمَالُ الْيَأْسِ مِنَ الْمَخْلُوقِ . فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ لَمْ يَعْمَلْ لِأَحَدٍ سِوَى اللَّهِ وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُهُ وَلَمْ يَخَفْ سِوَى اللَّهِ ، وَلَمْ يَطْمَعْ إِلَى أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَهَذَا هُوَ التَّوَكُّلُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : يَا جَبْرَئِيلُ فَمَا تَفْسِيرُ الصَّبْرِ ؟
قَالَ : يَصْبِرُ فِي الضَّرَّاءِ كَمَا يَصْبِرُ فِي السَّرَّاءِ ، وَفِي الْفَاقَةِ كَمَا يَصْبِرُ فِي الْغِنَى ، وَفِي الْغِنَى كَمَا يَصْبِرُ فِي الْعَافِيَةِ ، وَلَا يَشْكُو خَالِقَهُ عِنْدَ الْمَخْلُوقِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلَاءِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : فَمَا تَفْسِيرُ الْقَنَاعَةِ ؟
قَالَ : يَقْنَعُ بِمَا يُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا ، يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ وَيَشْكُرُ بِالْيَسِيرِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : فَمَا تَفْسِيرُ الرِّضَا ؟
قَالَ : الرَّاضِي الَّذِي لَا يَسْخَطُ عَلَى سَيِّدِهِ ، أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا أَمْ لَمْ يُصِبْ ، وَلَمْ يَرْضَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْيَسِيرِ [مِنَ الْعَمَلِ] .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : يَا جَبْرَئِيلُ ، فَمَا تَفْسِيرُ الزُّهْدِ ؟
قَالَ : الزَّاهِدُ يُحِبُّ مَا [مَنْ] يُحِبُّ خَالِقُهُ ، وَيُبْغِضُ مَا [مَنْ] يُبْغِضُ خَالِقُهُ ، وَيَتَحَرَّجُ مِنْ حَلَالِ الدُّنْيَا وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى حَرَامِهَا ، فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَحَرَامَهَا عِقَابٌ ، وَيَرْحَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ ، وَيَتَحَرَّجُ مِنْ [كَثْرَةِ] الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، كَمَا يَتَحَرَّجُ مِنَ الْحَرَامِ وَيَتَحَرَّجُ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ ، كَمَا يَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَيْتَةِ الَّتِي قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا ، وَيَتَحَرَّجُ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ، كَمَا يَتَجَنَّبُ النَّارَ أَنْ يَغْشَاهَا ، وَأَنْ يَقْصُرَ آمَالَهُ وَكَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَجَلُهُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : يَا جَبْرَئِيلُ ، فَمَا تَفْسِيرُ الْإِخْلَاصِ ؟
قَالَ : الْمُخْلِصُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئاً حَتَّى يَجِدَ ، وَإِذَا وَجَدَ رَضِيَ ، وَإِذَا بَقِيَ عِنْدَهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ لِلَّهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْأَلِ الْمَخْلُوقَ فَقَدْ أَقَرَّ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ ، وَإِذَا وَجَدَ فَرَضِيَ فَهُوَ عَنِ اللَّهِ رَاضٍ وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ رَاضٍ ، وَإِذَا أَعْطَاهُ لِلَّهِ فَهُوَ جَدِيرٌ بِهِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : فَمَا تَفْسِيرُ الْيَقِينِ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْمُوقِنُ [الَّذِي] يَعْمَلُ لِلَّهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ يَرَاهُ ، وَأَنْ يَعْلَمَ يَقِيناً أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، وَهَذَا كُلُّهُ أَغْصَانُ التَّوَكُّلِ وَمَدْرَجُهُ الزُّهْدُ .
*
المصدر : (عدّة الداعي ونجاح الساعي : ص94.)