كان هناك شاب في مقتبل عمره؛ شهده الناس مصليا ، صائما، قائما، عارفا بحقوق ربه ومنفذا لأوامره؛ لقد وُلد بإحدى قرى محافظة الشرقية، تخرج من كلية الزراعة، حصل على الماجستير، وأعد رسالة الدكتوراه ليناقشها صباح يوم ما اجتمع بزوجته وأخته إذ كان متزوجا حديثا ولم يمضي على زواجه إلا ثمانية أشهر، استدعى زوجته وأخته قبيل آذان الفجر ليوصيهما بأبويه الشيخين الكبيرين، وأن عليه من الدين كذا مما جعلهما متعجبتان من أمره، ثم وضع رأسه مستلقيا على جنبه الأيمن وذكر الله والغريب أنه آخر كلامه قبل نومه كان نطقه الشهادتين، فلما أصبح عليه الصبح همت زوجته لتوقظه ولكن صاحب الأمانة قد أخذها.
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها
وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم
وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر