هو كان شاب عائد من بعثته في الخارج، استيقظ في الصباح واستعد وخرج بسيارته المعطرة وتوجه إلى أحد المحال التجارية وتحيط به تلك الهالة من الثقة والأبهة مع رائحته الفواحة وملابسه الأنيقة التي يبدو عليها غلو الثمن، مما يجعل منه الصورة المثالية لفارس الاحلام لأي فتاه.
هى كانت فتاة بارعة الجمال تتمتع بالرقة والأخلاق العالية مما يجعلها تمثل ايضًا الصورة المثالية لفتاة الأحلام لأي شاب.
جمعتهم الصدفة حيث كانت تلك الفتاة الرقيقة في هذا المحل التجاري الذي توجه إليه الشاب وهناك التقت العيون وكانت هى الوصلة للقلوب التي اضطربت ووقعت في الحب من أول نظرة، وجاهد الشاب حتى استطاع تسليمها ورقة تحمل رقم هاتفه ورغم خجلها إلا أن تلك الورقة كانت لها اكسير الحياة الذي خرجت به وهى تحملها بين يديها وتضمها إلى قلبها علها تحفظها بداخل هذا القلب المضطرب والذي يقرع كالطبول.
حل المساء وانزوت الفتاة بنفسها بعيدًا عن أفراد اسرتها وأقدمت على فعل يخالف عادتها تمامًا حيث أمسكت بهاتفها وبدأت في تسجيل رقم الهاتف من الورقة وراحة تتصل بهذا الشاب، وبمجرد سماعه لصوتها عرفها فلم يخطئ هذا الصوت الرقيق أبدًا وطار قلبه سعيدًا وحاول قدر الامكان اطالة تلك المكالمة الهاتفية حتى يروي شوقه إليها الذي نمى بسرعة شديدة.
بدأت التواصل بينهما يزداد ويستمر وأصبحت الاتصالات بينهما لا تنقطع وزاد الارتباط بينهما والتعلق، وظلوا على هذا الحال لمدة قاربت العام مما ساعدهم على التفاهم بشكل كبير واكتشاف صفاتهم المتشابهة وجمعهم لقاءات قليلة وكانت عن بعد إذ يتواعدان على اللقاء في أحد المحلات التجارية دون أجراء لقاء مباشر.
ذات يوم قرر هذا الشاب أن يصلح هذا الوضع ويصل به إلى حل جذري فتقدم من والدته وأخبرها برغبته في الزواج مما أسعد والدته فسألته اختر من تريد فما كان منه إلا أن قال أنا اثق في رأيك والدتي اختاري وأنا موافق على خيارك امي.
كان الشاب يتحدث مع احد رفاقه فاخبره لما لا تتزوج الفتاة التي تحادثها فما كان منه إلا أن قال بأنه لا يمكن أن يتزوج من قبلت أن تحدثه في الهاتف من أين تأتي الثقة بها، وهو ما زاد في تغير معاملته وابتعاده عنها في محاولة لنسيانها وجعلها تنساه، وحلت الساعة الحاسمة اذ وجدت له والدته فتاة مناسبة وبدأ في اجراءات الزواج.
وفي مساء حاسم اتصلت الفتاة بالشاب وطلبت منه أن يخبرها ما الذي تغير وكان اليوم هو عيد الحب، فبدأ يخبرها كم كان يحبها ولكن الحب لا يدوم واستمر على هذا الحال من الحديث الذي أنبأها بما هو آت في نهاية الحديث، واثناء المكالمة حضرت اخته وأعطته صندوق يحمل عدد من الهدايا كان من بينها هدية لفتت نظره عبارة عن منزل من الشمع مع حديقة وقمر يطل عليه، وبعد فترة من الصمت جاءت الكلمات القاسية والإخبار المباشر بأنه لا نصيب لهما معًا وبزواجه القريب وأن تنساه وتنتظر نصيبها.
سألته بما يشبه الصراخ وأنا وما بيننا لما جعلتني افتح قلبي لك فما كان منه إلا سؤال سمج ماذا تريدين الآن فلم يجد منها جواب سوى دموعها فقال سامحيني وستشكريني في المستقبل فاستمر الصمت بينهما فترة ثم أغلق الخط.
غير الشاب ارقام هاتفه للتخلص من أي محاولة للاتصال منها وكانت الاستعدادات الاخيرة للزفاف الخاص به، وأثناء الزفاف تناول المعازيم الحديث عن فتاة بارعة الجما كانت في القاعة تنظر إلى العريس والعروس وتبكي ثم خرجت، والتي لم تكن إلى من أحبته وخذلها ورغم دموعها وقلبها الذي اكتوى فرحت لهذا الشاب عندما لاحظت سعادته بزوجته.
مر حوالي العامين والنصف وحل يومًا شبيها بيوم زفاف الشاب ولكن كانت الفتاة هى العروس وهى تزف لشاب آخر وكانت تجلس في الكوشة وتذرف من عنيها الدموع، ولكن هلى هي دموع فرع أم دموع ذكرى أليمة أم دموع على حب ضائع؟.