الأسبرين، ينقذ كل عام ملايين الأرواح. ففي الولايات المتحدة وحدها، يتخطى الاستخدام السنوي للأسبرين 15 مليون قرص. في عام 2015 ، توصل أحد استطلاعات الرأي إلى أن ربع مرضى القلب في الولايات المتحدة يتناولون جرعة منخفضة من الأسبرين للوقاية من الأزمات القلبية.
على الناحية الأخرى، الهيروين، نوع من المخدرات، يزهق كل عام آلاف الأرواح. فقد تسبب عام 2017 في وفاة ما يقرب من 15900 شخص بسبب جرعة زائدة .
المفارقة العجيبة أن الأسبرين والهيروين ابتكرهما شخص واحد هو فيليكس هوفمان أي أنه بدون هوفمان لم يكن الطب الحديث ليشهد ابتكار أكثر مسكنات الألم شهرة وبدونه أيضا لظلت المجتمعات بدون أكثر أنواع المخدرات خطورة "الهيروين".
ولد فيليكس هوفمان عام 1868 لعائلة صناعية. كان والده مصنعًا في مدينة لودفيجسبورج الألمانية القريبة من شتوتجارت، وهناك طور الشاب اهتماما بالتصنيع والعمليات الكيميائية.
بدأ هوفمان تعلم مهنته بممارسة العمل في الصيدليات في جميع أنحاء ألمانيا. التحق بجامعة ميونيخ حيث درس ثم حصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف عام 1893.
كان أحد أساتذة هوفمان هو أدولف فون باير الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1905، فلاحظ هذا الأستاذ براعة هوفمان في الكيمياء والصيدلة واقترح أن يعمل في شركة الأدوية الألمانية العملاقة "باير".
كان هدف هوفمان الأساسي هو ابتكار مواد جديدة يمكن استخدامها كأدوية وليس مجرد إعادة إنتاج المكونات النشطة من المنتجات الطبيعية.
كان هوفمان طواقا إلى ابتكار مادة تكون قادرة على تخفيف الآلام التي يعاني منها والدة بسبب إلتهاب المفاصل الحاد والتي لم تكن مسكنات الألم المعروفة في ذلك الوقت تسيطر عليها بالإضافة للآثار الجانبية الخطيرة التي كانت تسببها.
أبحاث هوفمان قادته إلى حمض الساليسيليك، وهي مادة تستخلص من لحاء شجرة الصفصاف والذي تمكن الكيميائيون في عام 1859من انتاجه معمليا إلا أن تلك المادة كانت تسبب آلام في المعدة مما جعل استخدامها بشكل يومي أمر صعب.
توصل هوفمان لطريقة تجعل حمض الساليسيليك آمنا بأن أضاف إليه حمض الأسيتيك وهو المادة الفعالة في الخل مما وفر شكل أكثر استقرارا من حمض الساليسيليك في عام 1897. قام أحد كبار المسؤولين في شركة "باير" بتجربة المركب الجديد على نفسه فسكن الآلام بدون آثار جانبية وتم إطلاق اسم "أسبرين" على المركب الجديد وبدأت شركة "باير" في تسويقه تجاريا. بعد أن أصبح الأسبرين أكثر الأدوية مبيعا تم تعيين هوفمان رئيسا لقسم الأدوية في الشركة.
وفي محاولة للبحث عن تركيبة لمسكن آلام أكثر قوة من الأسبرين طُلب من هوفمان التوصل لتركيبة معملية بديلة لمادة الكوديين وهي مادة أفيونية مخدرة أضعف من المورفين.
وحين أستخدم هوفمان حمض الأسيتيك مع المورفين نتج "الهيروين" بدلا من "الكوديين". وقامت شركة "باير" بتسويق وبيع "الهيروين" كمكثف للسعال وكعلاج لمدمني المورفين. لكن تجارب هوفمان المستمرة على المركب الجديد جعلته يكتشف خواص الهيروين الضارة وسبب هذا الأمر إحراجًا كبيرًا لشركة باير.
توفي هوفمان في سويسرا وهو في الستين من عمره ولازالت مركباته الدوائية ملئ السمع والبصر.
منقول
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Haidar Iraq
