لم يأتِ الشتاء بعد , أمطرت قليلاً لكن الشتاء لم يأتِ .
مازلت انتظره , مازلت أنتظر الأمطار و البرد و سحب سابحه بعيداً تراقب المختبئين .
لَم أولد بالشتاء لكنني احيا به , ربما لأنه الفصل الوحيد القادر علي قراءتي .. لا ادري .
مازلت عاجزه عن فهم خوف البشر من الإبتلال أسفل المطر , لِم يركض الجميع و بِم يحتمون ؟ .
لا اخشي المطر و لا ابغضه , في الواقع أنا اعشق المطر, لكن وعلي الرغم من عشقي هذا لم ارغب يوم ما في الإحتفاظ به , دعوت أن يدوم الفصل إلي ما لا نهايه لكنني لم أحاول يوماً إبقاؤه أسير لدي .
يحمل المطر رائحه الحرية , يطفو و يهطل حيث يختار , ثم يسبح بعيداً ليري الحياه من الاعلي
أأخبرك سر ؟ , لكل قطره مطر رائحه و همسات مختلفه , قطرات المطر تختار مَن يتلقاها .
قد ينتهي الشتاء لكن الأمطار تبقي , تُخلد بكل همسه سمعتها روحك و بكل عطر إستنشقته , حين يذهب الشتاء لا يمضي فعلاً , هو باقٍ للأبد داخلك, أو داخلي .
تأخر كثيراً هذا العام , لكنه إقترب الآن , البرد الذي بدأ يغزو اناملي يعني إقترابه , قريباً سيكون حاضراً و ساحكي , سأقص قصه عجز الجميع عن سماعها ..
سأخبره حكايا لا تدونها الكلمات , سأريه بصمات دفعتني للإبتسام في وقت ما , ثم سأبكي و سيستمع إلي .
سيعلم كم اصبحت بعيده عن كل شئ , عن البشر و الحياه و الأرواح الأخري , ثبت خيوطي بسماء , أرض , بحار و عواصف , لم اعد انتمي لا إلي الموتي أو إلي الأحياء , لم أعد منهم , انا في طريقي للإكتمال كطيف .
ثم سأطلب منه السماح لي بالذهاب معه هذه المره , أعرف أنه سيؤجل و سيخبرني أنني باقيه لسبب ما .
لكنه سيقطع وعداً , ووعد الشتاء لا يحمل الأكاذيب .
وُلدت قبل بداية الربيع , كان الشتاء قد بدأ بلملمة حاجياته استعداداً للرحيل , لكن ليلة ميلادي كانت عاصفه , و كأنه عاد مُرحباً , عاد ليخبرني أنني سأظل إبنه الشتاء حتي يأتي اليقين .
انا هنا .. للأبد .
سأنتظر شتاء آت و أحتفظ بشذاه حين يرحل حتي يعود .
وُلدت بالشتاء , و حين أموت سأموت بالشتاء .
و بين ميلاد و ممات .. سأظل أنتظر هطول المطر..