TODAY - September 26, 2010
كريم وصفي يتحدث عن تأسيس اوركسترا للمدينة.. ومثقفوها يترقبون «دار الأوبرا»
عزف سمفوني بأنامل الأطفال يمسح رماد السبت الدامي عن وجه البصرة
أطفال يعزفون مقطوعات موسيقية في إطار حفل نظم بالقرب من مكان شهد تفجيرات دامية في البصرة (خاص بـ"العالم")
البصرة ـ وحيد غانم
قليلة هي الأمسيات السعيدة في البصرة، وعندما تجيء في مكان شهد هجمة الموت منذ فترة وجيزة، تكون المناسبة استثنائية برغم ما يحيطها من ظروف، فعلى قاعة عتبة بن غزوان تعالت الموسيقى وهذه المرة بأنامل براعم بعمر الموسيقى والحب قدموا من بغداد تحت قيادة المايسترو كريم وصفي قائد الأوركسترا السمفونية الوطنية، لكي يحيوا أمسية موسيقية على مقربة من آثار التفجيرات الأخيرة، حيث الجدران ما زالت ملطخة بالرماد، وفي الصالة المتواضعة التي تنقصها الكثير من تجهيزات الإضاءة والصوت والديكور والسعة، اجتمعت المصادفة بالتصميم والإرادة الخيـّرة للرد على جنون الخراب.
حزمة "مبادرات موسيقية" رافقت هذا العرض، وسط حديث مثقفي البصرة عن تفاؤلهم بتأسيس "دار الاوبرا" قريبا، رغم من يستبعد امكانية تحقق هذا الحلم في الوقت الراهن.
الصغار الذين دعاهم المايسترو وصفي "بقادة المستقبل بعيداً عن الأهداف والغايات والمناصب" لم يمض على تشكيل فرقتهم أكثر من سنة واحدة، وأن كان عمر الفكرة يعود لسنة 2001 لكن، والكلام للمايسترو وصفي "العمل الحقيقي لهؤلاء الشباب والشابات ابتدأ العام الماضي".
محاولة طموحة من مؤسسة كريم وصفي للإبداع والفنون، تهدف "لتكريس الفن مفهوماً للسلام وبناء الثقة بالنفس" كما أشار، دون تلقي الدعم من أية جهة رسمية. وأضاف في تصريح للعالم "هذه بداية وان جاءت متأخرة إلى حد ما بالتعاون مع جميع الأوساط الفنية في البصرة، وأنا لا أريد أن أفرض شيئا هنا وحتى لو فرض هذا الشيء فهو أمر إيجابي جداً فنحن نريد ان نشترك بالخبرات مع العاملين في مجال الموسيقى على المستويين الخاص والرسمي، وهناك مشروع لتأسيس أوركسترا سمفونية بالبصرة عبر قطاع مختلط من المؤسسات التي تعنى بالموسيقى والثقافة العالمية وليس الموسيقى المحلية فقط.
وعن نواة تشكيل هذه الأوركسترا قال "نأمل أن يتم ذلك في أقرب فرصة، لقد سبق للفرقة السمفونية الوطنية إحياء حفل موسيقي في البصرة قبل 6 أشهر خلال مهرجان المربد، إضافة إلى هذه الأمسية والآن لدينا حالتان من الاشتراك بالخبرة نأمل أن تكون محصلتها تأسيس نواة الاوركسترا السمفونية البصرية من خلال العازفين الموجودين أصلا في هذه المدينة".
وحول اشتراك عازفين من براعم البصرة في الأمسية قال "لم نعثر على عازفين صغار في البصرة. نحن نبحث عن مثل هذه المواهب، وستكون هناك مراحل متعددة لاستقطاب اليافعين واليافعات. من رأيتموهم اليوم لم تكن لهم قبل سنة علاقة بالآلات الموسيقية.
كانت فكرة تأسيس الفرقة من باب المواطنة الصالحة والانتماء للعراق والحضارة وبناء المستقبل، وبالمناسبة هذا العمل اعتمد على إمكاناتنا الذاتية والفكرة هي كيف يمكن أن نعبر الزمن ونشترك بالنجاحات في بغداد والجنوب والوسط والشرق الأوسط".وعن افتقار البصرة لصالة عروض موسيقية قال "هناك مشروع لوزارة الثقافة بدعم إنشاء أوبرا البصرة وفي وقت ما سيصبح واقع حال.
أود أن أوضّح نقطة مهمة فالثقافة مستمرة في نبض البصرة، ليس هناك خوف على الإنسان هنا فأهم من البترو دولار هو العقل والثقافة والحضارة في البصرة".
وأبدى الأستاذ أحسان وفيق السامرائي تفاؤله برؤية نهضة ثقافية وموسيقية في البصرة مؤكداً على إنجاز مشروع إنشاء قاعة الأوبرا خلال سنة. وقال لمراسل العالم "هذه محاولة رائعة لكسر الحصار والركود وإعادة الحياة للبصرة والدعوة لإنشاء فرقة سمفونية في البصرة ستخلق مساحة كبيرة للإبداع فلدينا إمكانات كبيرة، واعتقد أن المشروع سينجح".
بينما وصف لؤي حمزة عباس هذه المناسبات بأنها "تشكـّل فرصة مهمة لبناء الذوق العام من جهة ومن جهة أخرى ربما أساسية، استعادة دور الثقافة في مدينة شكلت الموسيقى منذ البدء جانبا أسياسياً من هويتها، فلا بصرة بلا موسيقى ولا موسيقى بلا بصرة".
وأضاف "هذا يعني ان مثل هذه المناسبات تشكل حدثاً ثقافياً يمكن أن يضيء في سماء المدينة المعتمة".
وشهدت الأمسية توزيع استمارات تدعو للانضمام لدورات موسيقية يقيمها الاتحاد العام لطلبة العراق في البصرة بإشراف أحد أساتذة كلية الفنون.
وقال الشاعر قاسم محمد علي "كان الجو مؤثراً حيث طلبت مني ابنتي كرمل الانضمام لهذه الدورة لتعلم الموسيقى بعد رؤيتها للعازفات الصغيرات اللواتي في سنها".
وأضاف "كان العزف رائعاً بالنسبة لأعمار أعضاء الفرقة ومواجهتهم للجمهور في قاعة ممتلئة".
وعزفت الفرقة مقطوعة من مجموعة موسيقى الماء للموسيقار فردريك هاندل ومقطوعات لباخ وموزارت والكسندر بوردين.