.
هروب ما
...
لأنني فقير
كانت المرايا كتابي المقدس
وكانت بئر الماء عطشى دائما
فقمت للصلاة إلى حجر مقدس
وطويت صفحتي
وبقيت طويلا بلا ظل
في ساحة تعرج قليلا من كثرة الجثث
فوق الظهور المحدبة للمدائن والقرى
***
ولأنني فقير انتحيت جانبا
فالعابرون أمامي – على صراط لا يبين-
يرسمون على جدار أبيض
ظلالا ملونة ،ويرقصون
اعترف: تلك كانت مرة أولى
أرى فيها ظلا يغادر لونه الأسود.
العابرون أمامي كانوا في كامل هيئاتهم
لا أعرف من أين جاءوا بثياب جديدة
ولا سوق هنا سوى باحة صغيرة لحرق الجثث
وكنت في كفن قصير متسخ.
من تسرعي في الصحو ،عندما سمعت النفير
لم أسقط كتاب الطين، الذي فزع من قيامتي وبعثي
فدخل معي البرزخ والتصق بكفني ككلب يحرس الظلال.
وكنت بلا ظل يبول على مقبرة
مفتوحة للعابرين كمحطة انتظار
***
ولأنني فقير
عبرت وحدي. لم تنقلني ناقلة الجنود
ولا رضيت بمقامي في مظلة الغيوم
ربما يكون هناك ظل
لكن الجدار لا يقبل الشعراء
لست أدري أين ذهب
ذلك الشريك الذي أفسد
على حياتي الأولى
وطرد الحسان من حديقتي
ولم يشفع لي يوما بدخول المملكة
****
ولأنني فقير
لم تقبلني الملائكة
فعدت إلى قبري وحدي.
أخبرتني عجوز
كانت تبيع الكعك عند المقبرة
أنها رأتني قبل ذلك
وأقسمت أنها باعتني كعكا
وأنها تريد ثمنه الآن من دمي الذي يكتب اسمي
على صنم يشبه هرما ينام وحده في الطريق
ولأنني فقير
دفعت لها جزءا من كفني المعفر
رفضته
وطالبت بعين زجاجية صاحية
قبل أن يطالها الصدأ.
ولأنني فقير جريت
فجرى ورائي طيبون
لم يألفوا هروب ميت من قبل
المقبرة التي ألفتها من قبل
لم تنقذني
ولم تفتح بابها الطيني
(لم يجف بعد صدى رحيل المقرئين)
وللمرة الأولى
عرفت معنى أن أخاف الموت
منقوول