قلبي عليكِ وفي قلبي الذي احترقا
ما لو أصاب نبي الله ما نَطَقا
وبي من الحزن ما لو أنّ آدم أو
مِرآتهُ شاركاني فيه ما طفقا
وبي من الحزن ما لو كان في حجرٍ
لسال كالماء أو في البحر لانفلقا
ممزقٌ يا بلادي فيك ما التئمتْ
روحي ولستُ إلهاً أجمع المِزَقا
أشكو على الريح ليت الريح تأخذني
إلى جفون غدٍ لا يعرف القلقا
تُخيفني عتمة الأحلام تخنقني
وما على شاعرٍ لو خاف واختنقا
أخاف مني على نفسي ومن خجلي
على القصيدة إنْ لم تملأ الورقا
أخاف أكثر من هذي البلاد إذا
لم يمسح الله عن وديانها العَرَقا
من فرط ما نزفتْنا الأغنيات دماً
لم ينقذ الحب عصفوراً إذا غَرِقا
فيا بلادي التي من نفسها خرجتْ
متى يغادر هذا الواقعُ النَّفَقا
ألا ترين معي تلك الخناجر في
ظهر النجوم التي لم تترك الأُفُقا
في عين كل احتمالٍ جثةٌ وفمٌ
مفخّخٌ وضياعٌ أغلق الطُرُقا
ما بي ولا بك هذا الموت يا وطني
مأساتنا أنّنا لم نأكل السَّرَقا
مأساتنا هؤلاء المتخمون بنا
والساملون عيون البرق إنْ بَرَقا
خمسٌ وخمسون عاماً كلما اْلتمعتْ
شعاعةٌ خطفوا من وجهها الألقا
يمزمزون الأماني اليابسات لكي
لا يحتسي حالمٌ بعضَ الذي عَلِقا
ويمضغون أناشيد البلاد لكي
لا يرتدي وَطَنِيٌّ باسمها الشفقا
مُكرّرون إذا أمعنت في أحدٍ
منهم رأيت به قبحَ الذي سَبَقا
بهم من العار ما يكفي لتلعنهم
حتى الملابس لكنْ لوّثوا الخِرَقا
لا يشبهون بلادي إنّهم ورمٌ
في قلبها وانكسارٌ زادها رَهَقا
يُقسِّمون على أحزابهم دمها
ويشترون لهم في غيرها شُقَقا
وكلما دخل الماضي على امرأةٍ
من أهلهم كذَّبوا الماضي وقد صَدَقا
أعصابهم كشفاهِ الموت باردةٌ
فهل يُلام حمارٌ نام أو نَهَقا
أقصى بطولاتهم تغريدةٌ بيدٍ
مهزوزةٍ أو دعاءٌ لم يُصبْ غَسَقا
أخطاؤهم كبنات الليل ساهرةٌ
وكلما طال ليلٌ زادهم شَبَقا
عقارب الكهف باضتْ في مخادعهم
وهم يبيضون من أبراجهم دَنَقا
لكل حزب كلابٌ لا تدافع عن
بيتٍ إذا لم يكن بالحزب مُلتَصِقا
إنْ لم تكن معهم في كل شاردةٍ
حتى الخيانة حزّوا الرأيَ والعُنَقا
والله في كلّ دكّانٍ لهُ صفةٌ
حتى من الله لم يستنكف الفُرَقا
دعوا لنا ربّنا لا تسفكوا دمهُ
في حربكم واتركوا لله ما خَلَقا
ضاعتْ بلادٌ بلادٌ في تفاهتكم
ولم يزل كل حزبٍ يدّعي خُلُقا
مستوردون جميعاً لم يلد حجرٌ
حزباً ولا دينكم من أرضنا انبثقا
عيشوا لأحزابكم عيشوا لقادتكم
فلن يُفكَّ بكم بابٌ إذا انغلقا
بدرهمٍ تشتري الصحراء قافلةً
من القطيع وباللاشيء مُرتزقا
وللبلاد رجالٌ كلما قفزتْ
عصابةٌ بذلوا الأكباد والحَدَقا
من طينة الأرض لا من نفط خانقها
تناسلوا وافتداها كل من عَشِقا
كأنّ في كل حُرٍّ من سواحلها
ملحاً ومن وردها في إسمهِ عَبَقا
ما نعَّموا صورةً في نجد أو دخلوا
قُمّاً ولا حزنُهم في قائدٍ وَثِقا
أشم من كل جرحٍ في ملامحهم
ضوءاً وفي كل حزنٍ عندهم حَبَقا
أعيذ قلبي بهم من كل أغنيةٍ
لم تترك الحرب فيها للهوى رَمَقا
سأستريح هنا ما في القصيدة لي
إلّا الذي لبلادي فوقها اندلقا
قلبي عليك وقلبي كلما شهقتْ
حمامةٌ لم تجد أطفالها شَهَقا
عامر السعيدي