.
اقتلاعُ جذورٍ ميتةٍ.. كضرسٍ نخره الجوعُ
…..
بمشط من العاج
نسرِّح شَعرَ الطبيعة
قبل أن تغزو الغاباتِ مدنٌ رماديةٌ .
****
نُطيِّر طائراتٍ من الورق والقمح
منذ أن كنا أطفالا ..
كانت السماء تعد لنا شايا بالحليب
وتفرش لنا الشوارع خميرة من الطمأنينة
كى نعود إلى البيت
ننتظر الأم تخرج من ردهة أسطورية
وتحكى كشهر ذاد
****
كان العالم كرتونيا
والأبطال لا يخرجون عن سيناريوهات متخيلة
كان العالم طيبا كجزرة تتكلم
وحنونا كغابة
تستقبل أفيالا تهيئوا لموت جماعى
بعد أن تفرغ الغزلان من أكل عشبها الموسمى .
****
مدن فولاذية تطير كعهن منفوش
الحرب آلة مضغ ..كى تمتلئ معدة الأرض بفائض الرصاص
وأشلاء الجغرافيا
المدن ليست سوى تصور عن جنة مؤجلة
نقوم بتدميرها
من أجل إعادة إنتاج مزيد من الشهوات
لأننا كجنود لا نمتلك المغفرة
ولذا
نقوم بقتل الله كل يوم
كى نؤمن أن الجنة لا وجود لها
سوى فى غريزة الحرب !
****
الفراشة تقتل فساد الوقت
وتصطاد الغبار من رئتى المصابة بالربو
الفراشة تجمع لى حرير إمرأة
وتعد لى سريرا من مائها واللحم الغض ، وأزرار قميصها اللبنىِّ
الفراشة تقرض لى عتبة الباب الرطب
كى تمر ذكريات قديمة
وتملأ كدخان كل فراغ الغرفة
الفراشة تحصى لى كل هزائمى
وتحكى لى كم كنتُ طفلا وديعا
قبل أن أدرك أنى ميت منذ أمس
وأن الفراشة تحرس نافذة بيضاء ..لقبرٍ قديمٍ
يطل منها ملائكةٌ ملونة
رُسمتْ بقلم رصاص !
****
الموسيقى وحش يكبر تحت مخدتى الإسفنجية
ويتسرب كوجع حتى مفاصل الجدران
يخلع الباب من جذوره
لأكتشف جثثا كانت مخبأة فى شجر عتيق
اقتلعوه عنوة بعد انتهاء الحرب
وصنعوا أبوابا محصنة لا تعرف الرحمة
لأطفال ولدوا بلا آباء ..
لم أجد مكانا للهروب
سوى التلذذ بأظافر الوحشة ، وهى تنهش سراديب الروح
وتلقى بشظاياى إلى حجرة مهجورة فى بيت حلمى القديم
أنا الآن لا أحلم
فقط أربى وحشا موسيقيا تحت جلدى
وأمشى كسلحفاة مسكونة بالغضب
بين أروقة الخنادق !
****
نكتشف بعد ممارسة استمناء القتل
أن شهوة السخرية ضرورة وظيفية لتهدئة عصب القصف العشوائى
تتدلى رؤوس جنرالات كثمار تين متعفنة
ونحن نأكل كبد العالم الهمجى
…
قليلا
ينز دم فائر حار من ثقوب فى الرئة
ونحن نشاهد التليفزيون كقطط أليفة
ونخمش بأظافرنا الهشة نعومة الوسائد القطنية
ونذهب إلى العزلة بأحلام مؤجلة
وعالم ينمو بالخارج
كشجرة لبلابٍ ضخمة
تلتهم البيوت !
*****
أبى يعمل نجارا
وأمى تخبز عجينا لفقراء يأتون من المدن الغريبة
وأنا أصنع طائرات من ياسمين وورق ملون وخرز ،
…
تستمر الحياة المتخيلة كعين عمياء
لم تعد تبصر سوى آخر لحظة من العمر
قبل أن تدخل السماء كخيط رفيع من الدهشة
فى إبرة الليل الطويل !
لـ عبد الغفار العوضي
منقوول