آية الولاية
وهي قوله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
لقد اتفق علماء اللغة على أنّ (إنّما) تفيد الحصر، بل هي من أقوى أدوات الحصر.
وعليه فإنّ ولاية المسلمين انحصرت في الثلاثة المتسلسلين في الآية حسب الأولويّة، وهم: اللّه جلّ وعلا، ثمّ رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
أمّا بالنسبة لولاية (اللّه) فهو خالقنا وبارئنا ومصوّرنا في الأرحام، وهو مدبّر أُمورنا، ومرشدنا، فكيف لا يكون أولى بأنفسنا منّا؟!
وأمّا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو هادينا وقائدنا، وهو أيضاً أولى منّا بأنفسنا، وذلك لقوله عزّ من قائل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}(2).
ولكن يبقى الكلام حول الأولياء الذين جاء ترتيبهم بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واقترنت ولايتهم بولاية اللّه ورسوله، وعرّفتهم الآية ـ آية الولاية ـ بإيتائهم الزكاة وهم في حالة الركوع، حيث قال سبحانه: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
فمن هؤلاء؟
ماذا قال العلماء والمفسّرون؟1 ـ روى الفخر الرازي في تفسيره: رُوي عن عطاء، عن ابن عباس: أنّها ـ آية الولاية ـ نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، روي أنّ عبد اللّه بن سلام قال: لمّا نزلت هذه الآية قلت: يا رسول اللّه أنا رأيت عليّاً تصدّق بخاتمه على محتاج وهو راكع، فنحن نتولاّه.
2 ـ وجاء في الكشّاف للزمخشري قال:... وإنّما نزلت في علي كرّم اللّه وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأن كان مرجاً (أي غير مستعص) في خنصره، فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد به الصلاة...
3 ـ قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس، قال: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أعطاك هذا الخاتم؟" فقال: "ذاك الراكع".
فأنزل اللّه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}
هذا، وقد ذكر العلاّمة الأميني في موسوعته (الغدير) أسماء ستّة وستّين عالماً من علماء أهل السنّة قالوا بنزول هذه الآية في الإمام علي (عليه السلام)، ولكن بطرق وألفاظ متعدّدة،