حقيقة العقل عند الامام علي (ع):
إن لكل
خلق من خلق الله ولكل حال وفعل بل لكل وجود حقيقتان ظاهرة وباطنة، فالظاهرة هي ما
تدركه الحواس، فمرة بالسمع وتارةً بالبصرة وأخرى بالذوق وتارة أخرى باللمس، أو قد
يكون بكل هؤلاء معاً أو ببعضها، ويمكن للعقل في عالم الوجود ان يفسر هذه الظواهر
تفسيرا ماديا وفقاً لتفاعلها مع الحواس، لكن العقل ذاته يمكن ان يعي حقيقة الحقائق
في ما بعد الجانب المادي لتتجلى لديه الحقيقة في معناها التكويني من خلال تحقق
البعد الالهي للحقيقة في العقل بعد ان يتجرد عن مادية التفكير، ولعل مطلق هذا العلم
يتجلى في قيم العصمة حيث تمثل استيعابا كليا لحركة الوجود، وبالتالي فأن العقل
المعصوم يصبح وعاء لحقيقة الحقيقة، فالعقل المعصوم تتجلى فيه حقيقة (حق اليقين)
باعتبار انه تجاوز في معرفته (علم اليقين وعين اليقين) وبإعتبار أن:
علم اليقين:
هو العلم الظاهري بالشيء من خلال حصول مظاهر تدل عليه وإن لم نره باعيننا ولكن نرى
ما يدل عليه عقلا.
عين اليقين: هو المشاهدة العينية للظاهرة اذا اقتربنا منا
وصارت ظاهرة للابصار.
وأما حق اليقين: هو الادراك العقلي للحقيقة من خلال
المعايشة والتماس بها ووعيها وعياً إدراكياً يثل مطلق الادراك بما لا تستشعره
الحواس ولا يدركه العقل المادي.
يقول الحق سبحانه وتعالى: " إن في خلق السماوات
والارض وإختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل
الله من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الريح والسحاب
المسخر بين السماء والارض لأيات لقوم يعقلون " سورة البقره 164