قصة قصيرة جدا
تسلل نسيم الهواء البارد عبر النافذة المفتوحة بالقرب من سريره، نهض من مكانه منتفضا كأن الرياح لامست روحه، اتجه بخطوات متثاقلة نحو النافذة وبهدوء مرعب أغلقها وقبل أن يصل لسريره الدافئ لمحت عيناه انكسار ضوء خفيف على المرآة المعلقة في طرف الغرفة، تقدم منها بعد أن أنار الأضواء لتجحظ عيناه ناظرا لوجه زوجته! إنها زوجته المتوفاة قبل شهرين تنظر له من خلف زجاج المرآة.
وقف متجمدا في مكانه مرتعبا ينظر لوجهها الشفاف وعيناها الفارغتين كأن شيء ما إلتهمهما، كان ينظر لها بتباث والرعب يلتهم جسده لتبتسم إبتسامة كأنها من الجحيم، إبتسمت ليعود هو ساقطا على الأرض مرتعدا بجسده الهزيل وقبل أن يلتقط أنفاسه أحس بدراع تلامس كثفه، رفع عينيه ببطء شديد كأنه يخشى أن يرتد له بصره من شدة الرعب..
رفع عينيه ببطء لترتعش حواسه ناظرا إلى يد زوجته على كثفه، إنها يدها فخاتم الزواج الذي تضعه لا يمكن أن ينساه الفرق الوحيد أن يدها الأن ليست سوى هيكل من العظام البارزة، استذار بسرعة نافضا يدها من على كثفه ليفاجأ أنه لا شيء خلفه سوى الفراغ الذي يكاد يلتهمه من شدة الرعب وفجأة أحس بأنفاس ساخنة بالقرب من أدنه اليسرى! لم يجرء على التحرك وإكتفى بالتجمد في مكانه بينما كانت دقات قلبه في إرتفاع مستمر لقد كاد قلبه أن يغادر جسده من شدة الرعب وكانت حواسه تعمل بشكل مخيف من قوة الموقف..
لم يتحرك من مكانه وآكتفى بإغماض عينيه والإنصات إلى صوت الأنفاس بجانب أدنه اليسرى لقد كان يعلم أنها أنفاس زوجته، إنه نفس صوت الأنفاس التي كانت تتقطع داخل حنجرتها عندما قام بخنقها بيديه، لقد قتلها بيديه لتعود روحها للإنتقام منه كل ليلة ومهما حاول الهرب كانت روحها تلاحقه..والليلة قررت إنهاء الأمر!
متجمدا في مكانه على الأرض، مغمضا عينيه، منصتا لأنفاسها الساخنة لتقوم بإحاطة عنقه من الخلف بكلتا يديها ذات الأصابع العظمية، لتبدأ عيناه في الجحوظ بينما تتقطع إنفاسه بشدة لقد كان يختنق..ثم فجأة انتفض من مكانه داخل سريره بعدما تسلل الهواء البارد من نافذته كأنه لامس روحه!
نهض من مكانه دون أن يتذكر الكابوس الذي عاشه قبل قليل والذي سيعيد تكراره الأن أيضا، مرارا وتكرارا فالموت لا يشفي غليل المنتقمين!