العباس بن الأحنف
أبو الفضل العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي . شاعر عربي شريف النسب ، أصله من بني حنيفة ، عاش في القرن الثاني للهجرة. نشأ في بغداد وفيها اشتهر. كانت علاقته بهارون الرشيد وطيدة وكان من ندمائه المقربين ، و كان يصحبه في رحلاته وأسفاره.
كان قريبا من بلاط القصر ومن حركة الحكام والولاة ، ومع ذلك خالف باقي الشعراء في استخدامهم الشعر مطية للكسب والثراء بمدح الحكام وهجاء أعدائهم ،وكان أكثر شعره الغزل والوصف لايتجاوزه الى باقي الاغراض الشعرية.
أشاد به المبرد في كتاب الروضة بقوله : " كان العباس من الظرفاء ولم يكن من الخلعاء ، وكان غزلا ولم يكن فاسقا ، وكان ظاهر النعمة ملوكي المذهب ، شديد الترف ، وذلك بين في شعره ،وكان قصده الغزل وشغله النسيب ، وكان مقبولا غزير الفكر واسع الكلام ولم يكن هجاءا ولا مداحا.."
يسمى العباس ابن الاحنف بمجنون فوز فمن هي فوز
من يقرأ شعر العباس يحسبه واحدا من الشعراء العذريين الذين امتلأ شعرهم في محبوباتهم بالتسامي والتطهر والبعد عن كل ما يشين ، ويجد فيه من صدق العاطفة ونقاء التعبير.
و يمتلئ ديوانه بالحديث عن محبوبته " فوز" ، وهو اسم اتخذه قناعا يخفي به حقيقة هذه المرأة التي أحبها ، ولم يكن يستطيع البوح باسمها ، واكتفى في شعره بإشارات وإيماءات لا تفصح ولا تبين . وقد اختلف المؤرخون والرواة فيمن تكون " فوز" ، وهل هي أميرة أم امرأة من عامة الناس، وحرة هي ام جارية من جواري القصور؟. حتى استطاعت الشاعرة العراقية عاتكة الخزرجي في رسالتها لنيل الدكتوراة أن تميط اللثام عن "فوز" وأن تثبت بالأدلة والبراهين والنصوص الشعرية أنها علية بنت المهدي أخت هارون الرشيد ، وان هذه الحقيقة هي التي حالت بين العباس والتصريح باسمها في شعره ، والاكتفاء بالاشارات والرموز .ويقول العباس في هذا :كتمت اسمها كتمان من صان عرضه .... وحـــــــاذر أن يفشـــــو قبيـــــــح التســـــمع
فسميتـها فــــــــــوزا ، ولــو بحتُ باســـــــــمهــا .... لسميتُ باسم هائل الذكرِ أشنــع!
قد تخوَّفتُ أنْ أموتَ من الشَّو .... قِ ولم يدرِ من هوِيتُ بما بِـــــي
يا كتـابي اقرأ السَّـــــــــلام على مَـــــــنْ .... لا أُسَــــمِّي وقُلْ لـــــه يــــــــا كتــــابي :
إنَّ كفّــــــــــــــَا إليــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــكُم ُ كتبَتْــــــــــــــني .... لَشـــــقيٌّ فؤادُهــــــــــــــــا في عــــــذابِ
فــــــــــإذا مــــــــــــــــــــــــ ــــا قرأتموني فَحِنُّـــــــــــوا .... وارحموا كاتبي ورُدَّوا جوابي
ويسرني ان اقدم لكم رائعة العباس بن الاحنف
قصيدة
ازين نساء العالمين
وقالها في محبوبته فوز
لنبقى مع القصيده
أزينَ نساءِ العالمين
أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي ... دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ
كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ ... لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي
أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ ..تَسُحُّ عَلى القرطاسِ سَحَّ غُروبِ
أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني ... لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي
وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت ... فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي
سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم ... وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي
وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ ... تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي
وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ ... نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ
فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم ... فَإِنَّ الهَوى وَالودَّ غَيرُ مَشوبِ
فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم ... وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ
وَإِنّي لَأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم ... إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ
وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ ... فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي
أَرى البَينَ يَشكوهُ المُحِبونَ كُلُّهُم ... فَيا رَبُّ قَرِّب دارَ كُلِّ حَبيبِ
أَلا أَيُّها الباكونَ مِن أَلَمِ الهَوى ... أَظُنُّكُمُ أُدرِكتُمُ بِذَنوبِ
تَعالَوا نُدافِع جُهدَنا عَن قُلوبِنا ... فَنوشِكُ أَن نَبقى بِغَيرِ قُلوبِ